الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص71
قال الماوردي : أما القذف بالأعجمية لمن يعرفها فكالقذف بالعربية في وجوب الحد فيه سواء كان عربياً أو أعجمياً ، فأما اللعان بالأعجمية فإن كان ممن يحسن العربية جاز لعانه بالأعجمية ، لأن اللعان إما أن يكون يمينا أو شهادة وكلاهما يجوز أن يكون بالأعجمية ، وإن كان يحسن بالعربية نظر في أصل لسانه وعموم كلامه فإن كان عربي اللسان والكلام وهو يعرف الأعجمية لم يجز أن يلاعن إلا بالعربية لأمرين :
أحدهما : أن اللعان محمول الألفاظ على ما يقتضيه القرآن ، فاقتضى أن يكون بلسانه العربي من العرب .
والثاني : أن في عدول العربي عن لسانه استرابة تضمن احتمالاً يمنع من تغليظ اللعان ، فإن كان أصل لسانه أعجمياً ، وهو يحسن العربية ففي جواز لعانه بالأعجمية وجهان :
أحدهما : – وهو قول أبي حامد الإسفراييني – لا يجوز أن يلاعن إلا بالعربية اعتباراً بلفظ القرآن المعول عليه في اللعان .
والوجه الثاني : يجوز أن يلاعن بالأعجمية اعتباراً بزوال الاسترابة من مثله في جريه على عادة لسانه .
فجعلهما أبو حنيفة خبراً واعتمد فيها على ترجمة الواحد كالأخبار ، وهي عند الشافعي شهادة ، لأن الحاكم يحكم بها على غير المترجم فيما لم يعلمه إلا من المترجم فصارت عنده شهادة بإقرار فاقتضى أن يجري عليها حكم الشهادات ، وسنستوفي الكلام في موضعه من كتاب ‘ الشهادات ‘ .