الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص67
والقسم الثاني : أن يقذفهما بزنائين بلفظ واحد فيقول لرجلين أو امرأتين زنيتما ، ففي الحد لها قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم ، يحد لهما حد واحد ؛ لأن اللفظ بقذفهما واحداً .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد يحد لهما حدين ؛ لأنه قاذف لاثنين بزنائين فصار كقذفه لهما بلفظين .
والقسم الثالث : أن يقذفهما بزناء واحد فيقول لامرأة : زنيت بهذا الرجل ، أو يقول لرجل : زنيت بهذه المرأة ، فالصحيح ومما عليه جمهور أصحابنا أنه لا يجب فيه حداً واحداً ، لأنه قذف بزنا واحد ، ومن أصحابنا من خرجه على قولين كالزنائين بلفظ واحد ، وليس بصحيح ؛ لأن قذف الاثنين بالزنا الواحد قذف واحد وقذف الاثنين بزنائين قذفان فجاز أن يجب في القذف الواحد حد واحداً ، وفي القذفين حدان ، وإذا وجب في القذف بالزنا الواحد حد واحد فهو مشترك في حق المقذوفين به ، فأيهما طالب بالحد فله أن يستوفيه كاملاً ، لا يسقط بعفو أحدهما حتى يعفو عنه معاً ، وإذا كان كذلك لم يخل حال الزوجة والأجنبي في قذف الزوج لهما من أربعة أحوال :
أحدهما : أن يصدقاه على الزنا فيسقط حد القذف عن الزوج ويجب حد الزنا عليهما ، وللزوج أن يلاعن إن شاء لرفع الفراش ونفي النسب .
والحال الثانية : أن يكذباه ويطالباه بحدهما فيحد لهما حداً واحداً على الأصح من المذهب ، ومن أصحابنا من خرجه على ما ذكرنا من القولين ، ولو طالبه أحدهما وعفا عنه الآخر حد للطالب حداً كاملاً وله إسقاطه باللعان سواء طالبته به الزوجة أو الأجنبي لاختصاصه بالزوجة .
والحال الثالثة : أن تصدقه الزوجة ويكذبه الأجنبي . فقد سقط حد القذف عن الزوج في حق الزوجة لتصديقها ، ولم يسقط عنه في حق الأجنبي لتكذيبه ، وله أن يستوفيه كاملاً ، ويجوز للزوج أن يلاعن منه في حق الأجنبي لاختصاصه بالزوجية ووجب على الزوجة حد الزنا بإقرارها وحد القذف للأجنبي لأنها صارت بالإقرار قاذفة له .
والحال الرابعة : أن يصدقه وتكذبه الزوجة فيسقط الزوج حد القذف في حق الأجنبي لتصديقه ، ولا يسقط عنه في حق الزوجة لتكذيبها ووجب على الأجنبي حد الزنا بإقراره وحد القذف للزوجة ؛ لأنه صار بالإقرار قاذفاً لها ، ولا يسقط حق القذف بالتعان الزوج منها ، لأن اللعان لا يسقط حد القذف إلا في حق الزوج دون الأجانب – والله أعلم .