الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص62
يكون يميناً ، فلا يجوز أن يقتصر على بعض ما شرع فيها من العدد كالقسامة ، أو يكون شهادة فلا يجوز الاقتصار على بعض عددها كسائر الشهادات .
فأما الجواب عما ذكروه من أن حصول الاختلاف مسوغ للاجتهاد ، فهو أن الإجماع منعقد على الخمس وإنما الاختلاف في وقوع الفرقة بها أو بما بعدها وما انعقد الإجماع عليه لم يسغ الاجتهاد فيه .
وأما الجواب عن أن ادراك معظم الشيء يقوم مقام إدراك جميعه فهو أنه فاسد بإدراك ثلاث ركعات من أربع لا يقوم مقام إدراك الأربع إنما أدرك الإمام الركعة الأولى بإدراك أكثرها ؛ لأنه تحمل عنه ما فاته منها وقام مقامه فيها ، ولذلك لو انفرد بها من غير إمام لم يدركها والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا سمى في قذف زوجته الزاني بها ، فقال : زنا بك فلان سقط حد القذف عنه إذا ذكره في لعانه على ما وصفه الشافعي رحمه الله .
وقال أبو حنيفة : لا يسقط حد قذفه بذكره في لعانه ، فإن قدمت الزوجة المطالبة فلاعن مها حد بعده للأجنبي ، وإن قدم الأجنبي المطالبة فحد له لم يلاعن من زوجته ، وبناه على أصله في أن المحدود في قذف لا يلاعن ، واستدل على أن حد يقذفه للأجنبي لا يسقط بلعانه ، بعموم قول الله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ) لأن قذف الأجنبي لا يسقط حده باللعان كما لو أفرده بالقذف ، ولأنه لو قال لزوجته وأجنبي : زنيتما لم يسقط قذف الأجنبي باللعان ، كذلك لو قال : زنيت به .
ودليلنا قوله تعالى : ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربعة شهادات بالله إنه لمن الصادقين ) [ النور : 6 ] وفي الآية ثلاثة أدلة :
أحدها : تخليصه من قذفه بلعانه فاقتضى أن يكون على عمومه فيمن يلتعن منهم .
والثاني : أنه جعل اللعان كالشهادة بقوله تعالى : ( ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ) والشهادة تسقط حدها عنه ، فكذلك اللعان .
والثالث : أنه أثبت صدقه باللعان ، وصدقه يمنع من حده .
ولأن النبي ( ص ) لاعن بين هلال بن أمية وزوجته ؛ وقد قذفها بشريك بن السحماء فلم يحده له بعد لعانه فدل على سقوط الحد بلعانه ؛ ولأن قذف زوجته بزان يمنع من