پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص61

إبعاد ، وكل منتقم منه مبعد ، وليس كل مبعد منتقماً منه ، فصار الغضب أغلظ ، ولذلك غلظ به لعان الزوجة لأن الزنا منها أقبح والمعرة منها أفضح .

وإن نقل الغضب إلى الزوج حتى قال : وعلي غضب الله ، بدلاً من قوله ؛ وعلي لعنة الله ففي إجزائه وجهان :

أحدهما : لا يجزئ لمخالفة النص .

والثاني : يجزئ ، لأنه أغلظ من النص مع دخوله فيه .

والقسم الثالث : أن يخالف بينهما في ترتيب اللفظ فيجعل ما في الخامسة من اللعن والغضب قبل الشهادات أو في تضاعيفها ففي جوازه وجهان :

أحدهما : لا يجزئه لمخالفة الترتيب فيه .

والثاني : يجزئه لوجود التغليظ .

والقسم الرابع : أن يخالف بينهما في العدد ، فإن كان خلافه في الزيادة فزاد على الشهادات الأربع خامسة ، أو على اللعنة والغضب في الخامسة سادسة ، فقد أساء وأجزاء ، وإن كان خلافه في النقصان فترك بعض الشهادات الأربع ، أو ترك الخامسة في اللعن والغضب لم يجز ولم يتعلق بما اقتصر عليه شيء من أحكام اللعان ، سواء ترك أكثره أو أقله ، وينقض حكمه فيه .

وقال أبو حنيفة : إن ترك أقله أجزأه وإن أساء ، ولا ينقض حكمه استدلالاً بأمرين :

أحدهما : أن اللعان مما اختلف في وقوع الفرقة به ، وما استقر فيه الخلاف ساع فيه الاجتهاد ، والحكم إذا نفذ باجتهاد مسوغ لم ينقض .

والثاني : أن إدراك معظم الشيء يقوم مقام إدراك جميعه ، كمن أدرك الإمام راكعاً كان في الاعتداد بالركعة كالمدرك له محرماً ، كذلك أكثر اللعان يجوز أن يقوم مقام جميعه ودليلنا قوله تعالى : ( ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) [ النور : 8 ، 9 ] فعلق الحكم فيه بخمس فلم يجز أن يعلق بأقل منها ، لأنه يصير نسخاً ولا يجوز أن ينسخ القرآن بالاجتهاد ، ولأن رسول الله ( ص ) لاعن بين العجلاني وامرأته وبين هلال بن أمية وامرأته بخمس ثم فرق ، والحكم إذا علق بسبب اقتضى أن يكون محمولاً على سببه ، ولأن الاقتصار من اللعان على بعضه يمنع من ثبوت حكمه كالاقتصار على أقله ، ولأن الحكم إذا تعلق بعدد لم يتعلق ببعضه كأعداد الركعات فكذلك أعداد اللعان ، ولأن ما شرع عدده في درء الحد لم يجز الاقتصار منه على بعضه كالشهادة ؛ ولأن اللعان إما أن