پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص55

ولا يكون اللعان من غير الملتعن صريحاً في الطلاق ولا كناية ، ولأن لفرقه الطلاق عدداً ليس في فرقة اللعان وحكماً يخالف حكم اللعان ، لأنها لا تحل في الطلاق الثلاث إلا بعد زوج آخر وتحل فيما دون من غير زوج ، وهو يقول في فرقة اللعان : إنها لا تحل له إلا أن يكذب نفسه ، فسلبه حكم كل واحد من الطلاقين واعتبر فيه من التكذيب ما لا يعتبر في واحد من الطلاقين فامتنع أن يكون اللعان طلاقاً كما امتنع أن يكون الطلاق لعاناً .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ( قال ) وإذا قال ( ص ) ‘ الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ ‘ فحكم على الصادق والكاذب حكما واحداً وأخرجهما من الحد ‘ .

قال الماوردي : وهذا الحديث رواه سعيد بن جبير عن ابن عمر أن النبي ( ص ) لما فرق بين العجلاني وامرأته قال : ‘ الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ‘ قالها ثلاثاً . ومراد الشافعي بذكره بيان ما دل عليه من ثلاثة أحكام :

أحدهما : أن الحكم يكون بالظاهر دون الباطن وإن علم أن الباطن مخالف للظاهر ، لأنه قد علم قطعاً أن أحدهما كاذب وإن لم يعلم بعينه فلم يعتبر حال علمه وحكم بالظاهر من أحوالهما .

والحكم الثاني : أنه سوى في الحكم بينهما وإن علم كذب أحدهما وصدق الآخر ولم يجعل لاختلافهما في ذلك تأثيراً في اختلاف الحكم عليهما لأن اشتباه أحوالهما منع من تمييزهما فيه ، وصار حكم الصادق منهما والكاذب سواء في الظاهر وإن كان مختلفاً عند الله تعالى في الباطن .

والحكم الثالث : ما أمرهما به رسول الله ( ص ) من التوبة فدل ذلك على أمرين :

أحدهما : تمحيص المآثم يكون بالتوبة لا بالحكم .

والثاني : قبول التوبة ممن علم أن باطنه مخالف لظاهره فكان فيه حجة على مالك في قبول توبة الزنديق ، وإن علم أن باطن معتقده مخالفه لظاهر توبته .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ وإن جاءت به أديعج فلا أراه إلا قد صدق عليها ‘ فجاءت به على النعت المكروه فقال عليه السلام ‘ إن أمره لبين لولا ما حكم الله ‘ فأخبر النبي ( ص ) أنه لم يستعمل دلالة صدقه عليها وحكم بالظاهر بينه وبينها فمن بعده من الولاة ذكره أنه لما نزلت آية المتلاعنين قال ( ص ) ‘ أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين ‘ .