الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص54
لك عليها أبداً ‘ ولو وقعت الفرقة بالطلاق لكان له عليها سبيل ، وأما قياسهم على العنة فالجواب عنه ، المعارضة في معنى الأصل من أحد وجهين .
إما لأن الفرقة في العنة لا تمضي إلا بعد الطلب وفي اللعان تمضي بغير طلب فصارت تلك الفرقة إيقاعاً ، وهذه تنفيذاً .
وإما لأن العنة يجوز إقرارهما عليها ، ولا يجوز إقرارهما بعد اللعان فصارت تلك الفرقة إيقاعاً وهذه تنفيذاً ، وهو جواب عن قياسهم على البينة ، وأما قولهم : إنه ليس بصريح ، ولا كناية فعنه جوابان :
أحدهما : أن ذلك مراعى في الطلاق دون غيره من الفسوخ .
والثاني : أن اللعان صريح في أحكامه المختصة به .
قال الماوردي : قصد الشافعي بهذا الكلام الرد على أهل العراق في مسألتين :
إحداهما : ما ذهب إليه أبو حنيفة بأن تفريق النبي ( ص ) بين المتلاعنين كان إيقاعاً بحكم ، فلذلك لم يوقع الفرقة بينهما بمجرد اللعان حتى يوقعها الحاكم بينهما ، وقد مضى الكلام فيها معه .
وقلنا إن حكم النبي ( ص ) كان تنفيذا وإخباراً بوقوع الفرقة .
والمسألة الثانية : بيان حكم الفرقة الواقعة بين المتلاعنين . وهي عند الشافعي فسخ وليست بطلاق ولذلك تعلق بها تحريم التأبيد .
وبه قال أبو يوسف وزفر والحسن بن زياد وهو إحدى الروايتين عن مالك .
وقال أبو حنيفة ومحمد : هي فرقة طلاق بائن ، ولذلك لم يتأبد تحريمها عنده ، وأحلها له إن أكذب نفسه .
وفي هذا القول تناقض ، لأن الفرقة لا تقع عنده إلا بالحاكم ، دون الزوج ، والطلاق يملكه الزوج دون الحاكم ، قال النبي ( ص ) ‘ إنما الطلاق لمن أخذ بالساق ‘ .
فتناقص في قوله فإن قيل : فقد فعلتم مثل هذه المناقضة لأنكم جعلتم الفرقة واقعة بالزوج دون الحاكم والزوج لا يقع منه إلا الطلاق ، قيل : قد يصح من الزوج الطلاق بغير سبب ، والفسخ إذا كان عن سبب ، كالفسخ بالعيوب ، وهذه الفرقة لسبب فكانت فسخاً ولم تكن طلاقاً ، فلم يكن في هذا القول تناقض ، لأن الطلاق يقع بما يختص من ألفاظه من صريح وكناية ، وهذه الفرقة لا تقع بصريح الطلاق ولا كنايته ،