الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص53
لك عليها ‘ قال : يا رسول الله مالي ، قال : ‘ لا مال لك ، إن كنت صادقاً فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كاذباً فهو أبعد لك ‘ . فكان قوله : لا سبيل لك عليها إخباراً عن وقوع الفرقة بينهما ، وليس بإيقاع للفرقة ، لأن إيقاع الفرقة أن يقول : ‘ قد فرقت بينكما ‘ فدل ما أخبر به من وقوع الفرقة على تقدمها قبل خبره ، ويدل عليه من طريق المعنى أنها فرقة تجردت عن عوض ، فإذا لم يجز تفرد الزوجة بها جاز أن ينفرد الزوج بها كالطلاق ، ولأنه قول يمنع إقرار الزوجين على الزوجية ، فوجب أن يكون حكم الحاكم فيه تنفيذاً لا إيقاعاً كالبينة على الطلاق والإقرار به ، ولأن الأقوال المؤثرة في الفرقة ، لا يفتقر إلى وجودها من جهتها كالطلاق ، ولأن اللعان يمين عندنا وشهادة عند أبي حنيفة ، والحكم بكل واحد منه بتنفيذ وليس بإيقاع ، ولأن حكم التنفيذ يجوز من غير طلب كالحاكم بشهادة أو يمين ، وحكم الإيقاع لا يجوز إلا بعد الطلب كالفسخ في العنة والإعسار بالنفقة ، وفرقه اللعان لا تفتقر إلى طلب فدل على اختصاصها بالتنفيذ دون الإيقاع ، ولأن اللعان تقع به الفرقة ، وينتفي به النسب ، فلما اختص نفي النسب بلعان الزوج وجب أن يكون وقوع الفرقة بمثابته ، لأنه أحد حكمي اللعان .
فإن منعوا من نفي اللعان النسب ، بلعان الزوج وحده ، وادعوا أنه لا ينتفي إلا بالحكم بعد لعانهما . كان فاسداً من وجهين :
أحدهما : أن لعان الزوج يتضمن نفي النسب ، ولعان الزوجة يتضمن إثبات النسب ، وإذا اختلفا في النفي والإثبات لم يجز أن يتعلق نفيه إلا بقول النافي دون المثبت اعتباراً بالموافقة .
والثاني : أن الاعتبار في ثبوت النسب ونفيه بالزوج دون الزوجة ، لأنه لو أقر به ونفته ، لم يؤثر نفيها ، ولو نفاه وأقرت به لم يؤثر إقرارها ، ولو استلتحقه بعد نفيه بلعانهما ألحق به وإن أقامت على نفيه عنه ، فاقتضى بهذين أن يكون نفي النسب مختصا بلعان الزوج ، وإذا اختص به كانت الفرقة بمثابته ، وأما الجواب عن استدلالهم بأن رسول الله ( ص ) فرق بيت الزوجين بعد لعانهما ، فهو أنها قضية في عين لا يدعي فيها العموم فاحتمل أن يفرق بينهما في المكان ، واحتمل أن يفرق بينهما في النكاح ويتحمل وهو الأشبه أن يكن أخبرهما بوقوع الفرقة بينهما ، لأنه قد روي فيه ‘ وألحق الولد بأمه ، وقد كان لاحقاً بها ‘ ، وإنما أخبر بلحوقه بها دون الزوج وأما حديث العجلاني وأن النبي ( ص ) لم ينكر عليه وقوع الطلاق منه ، فقد أنكره بقوله : ‘ لا سبيل