الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص52
الخمسة ، وإنما يختص لعان الزوجة بإسقاط الحد عنها لا غير وأن حكم الحاكم بالفرقة يكون تنفيذاً ولا يكون إيقاعاً .
وقال مالك وربيعة والليث بن سعد ، وأحمد بن حنبل ، وداود : إن الفرقة تقع بلعان الزوجين ولا تقع بلعان أحدهما ، ويكون حكم الحاكم بالفرقة تنفيذاً لا إيقاعاً ، فخالفوا الشافعي في وقوع الفرقة بلعانهما ووافقوه في أن حكم الحاكم بها تنفيذاً وليس بإيقاع .
وقال أبو حنيفة : الفرقة لا تقع إلا بلعانهما وتفريق الحاكم بينهما فيكون حكم الحاكم بها إيقاعاً لها لا تنفيذا ويكون إيقاعه الفرقة بينهما واجباً عليه ، واستدلوا جميعاً على أن الفرقة لا تقع بلعان الزوج وحده بأن رسول الله ( ص ) لاعن بين الزوجين وفرق بينهما ، فلما فرق بينهما بعد لعانهما دل على أنها لا تقع بلعان أحدهما ، وجعل مالك حكمه بالفرقة بعد لعانهما تنفيذاً وجعله أبو حنيفة إيقاعاً ، ولأن العجلاني قال : إن أمسكتها فقد كذبت عليها وهي طالق ثلاثاً ، ولو وقعت الفرقة بلعانه لأنكر عليه رسول الله ( ص ) ما قاله من إمساكها ، وما أوقعه من طلاقها ، وفي إقراره على ذلك دليل على أن الفرقة لم تقع بينهما ، واستدل أصحاب أبي حنيفة بأنها فرقة لا يثبت سببها إلا عند الحاكم ، فلم تقع بينهما إلا بحكم الحاكم كالعنة التي لم يثبت سببها في ضرب المدة إلا بحكم الحاكم ، ولم تقع الفرقة فيها إلا بحكم ، ولأن اللعان سبب يخرج به القاذف من قذفه فوجب أن لا تقع الفرقة إلا بحكم كالبينة .
ولأن الفرقة لا تقع إلا بما يختص بألفاظها من صريح أو كناية ، وليس في اللعان صريح ولا كناية ودليلنا ما روي أن النبي ( ص ) قال للعجلاني حين عرض عليه اللعنة الخامسة بعد الشهادات الأربع : ‘ إنها الموجبة ‘ إبانة عنها في وقوع أحكام اللعان بها ، فدل ثبوتها بلعان الزوج وحده ، وهذا دليل على جماعتهم .
وروى سعيد بن جبير عن ابن عمر عن النبي ( ص ) قال : ‘ المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبداً ‘ .
وقد روى أبو بمالك عن عاصم عن زر عن علي وعبد الله بن مسعود أنهما قالا : مضت السنة أن لا يجتمع المتلاعنان أبداً . وذلك إشارة إلى سنة رسول الله ( ص ) فلم يجعل لغيرهما تأثيراً في وقوع الفرقة بينهما . وهذا يدفع قول أبي حنيفة ، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال للمتلاعنين : ‘ حسابكما على الله ، لا سبيل