پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص49

ودليلنا على مالك : قد ربط رسول الله ( ص ) جبير بن مطعم إلى سارية في مسجده إلى أن سمع سورة طه فأسلم وقال : كان قلبي يتصدع وهذا دليل على مالك .

( فصل )

قال المزني رحمه الله : ‘ إذا جعل للمشركة أن تحضره في المسجد وعسى بها من شركها أن تكون حائضاً كانت المسلمة بذلك أولى ‘ .

قال الماوردي : وهذا الكلام من المزني بيان عما يذهب إليه من جواز دخول الجنب والحائض من المسلمين إلى المساجد كما يجوز دخول أهل الذمة إليها وإن كان منهم جنب وحائض .

والجواب عنه : أننا إذا لم نعلم أن الداخل جنب ولا حائض لم تمنع ، ولأن الظاهر أنه ليس بجنب ولا حائض ، وإن علمنا أنه جنب أو حائض قد أمن تنجيس المسجد بدمها ففي جواز تمكينهم من دخول المساجد وجهان :

أحدهما : يمنعون منها ولا يمكنون كما يمنع المسلم فعلى هذا يسقط استدلاله .

والوجه الثاني : أنهم يمكنون ولا يمنعون من الدخول مع الجنابة والحيض إلا أن لا يؤمن بتنجيس المسجد بدم الحيض فيمنعوا وإن خالفوا فيه المسلمين .

والفرق بينهما أن المسلم ملتزم لحرمة المسجد وتعظيمه فلزمه اجتنابه مع تغليظ حدثه ، وليس المشرك ملتزماً لهذه الحرمة فلم يلزمه اجتنابه مع حدثه ، فإن اختلف الزوج المسلم والزوجة الذمية في موضع لعانهما من مسجد أو كنيسة فالقول فيه قول الزوج دونها لأن التغليظ عليها في اللعان حق له عليها فإن دعت إلى لعانها في المسجد ، وقال الزوج في الكنسية كان القول قول الزوج أولى ليستوفي حقه في التغليظ عليها وإن دعت الزوجة إلى لعانها في الكنيسة ودعي الزوج إلى لعانها في المسجد فالقول قوله ؛ لأنه قد أسقط حقه من التغليظ عليها .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ وإن كان مشركين ولا دين لهما تحاكما إلينا لاعن بينهما في مجلس الحكم ‘ .

قال الماوردي : إذا كان الزوجان المشركان من غير أهل الكتاب وليس لهما دين معروف كالزنادقة والدهرية لاعن الحاكم بينهما في مجلسه إذا ترافعا إليه وسقط تغليظ لعانهما بالمكان لاستواء الأماكن كلها عندهم وأنهم لا يميزون بتعظيم مكان منها ، فإن قيل : كيف يحلفهما بالله وهما لا يعتقدان توحيده ولا يثبتان قدرته ولا عقابه ، واليمين توضع زجراً لمن اعترف بالله وخاف عذابه ليتوقاهما في الإقدام بها على المعاصي ،