پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص46

والثاني : نص السنة في قول النبي ( ص ) حين ابتدأ في السعي بالصفا ، وقال : ‘ ابدأوا بما بدأ الله به ‘ .

( فصل )

فإذا ثبت تغليظه بهذه الأربعة ، انتقل الكلام إلى شرح كل فصل منها ، أما تغليظه بتكرار العدد فسنذكر شرحه من بعد ، وإما تغليظه بالمكان ففي أشرف مكان في البلد الذي يتلاعنان فيه ، فإن كان بمكة فبين المقام والبيت ، ويسمى هذا الموضع : الحطيم ، قيل : لأنه يحطم العصاة ، وإن كان بالمدينة ففي مسجدها .

قال الشافعي : ها هنا على المنبر .

وقال في موضع آخر : عند المنبر فاختلف أصحابنا على ثلاثة أوجه :

أحدهما : أن الحاكم مخير بين أن يلاعن بينهما على المنبر أو عنده .

والثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أنه لايلاعن بينهما على المنبر ، لأنه مقام علو وشرف ، واللعان نكال وخزي فاختلف مقامهما لتنافيهما ، وحمل قول الشافعي على المنبر ، أي عنده ، ولأنها حروف صفات يخلف بعضها بعضاً .

والثالث : وهو قول أبي إسحاق المروزي أن ذلك على اختلاف حالين ، فيلاعن بينهما على المنبر إن كثر الناس ، وعند المنبر إن قلوا ، لأن المقصود مشاهدة الحاضرين لهما ، وسماع لعانهما ، وليس يمتنع وإن كان نكالاً أن يكون في مقام شرف كما لا يمتنع أن يكون في البقاع الشريفة ليكون أبلغ في النكال .

وإن كان هذا اللعان في بيت المقدس . كان في مسجدها الأقصى ، وفي موضع الاختيار منه وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي القاسم الصيمري ، وأبي الحسن بن القطان ، عند الصخرة ، لأنها أشرف بقاعه .

والوجه الثاني : وهو قول أبي حامد الإسفراييني وطائفة : أنه يكون على المنبر أو عنده ، لأنه أخص بالشهرة ، وإن كان في غير ذلك من البلاد ففي جوامعها ، لأنها أشرف بقاع العبادات ، ويكون عند المنبر أو عليه على ما مضى ، وأما تغليظه بالزمان فمن صلاة العصر ، وإقامة جماعتها ، ولا يلتعنان بعد دخول وقتها وقبل إقامتهما لقول الله تعالى ( تحبسونهما من بعد الصلاة ) [ المائدة : 106 ] ولأن ما بعد الصلاة وقت للدعاء ، ولارتفاع الأعمال ، وأما تغليظه بالجماعة ، فقد ذكرنا أنهم فما زاد اعتباراً بعدد البينة في الزنا ويكونوا عدولاً من أهل الشهادة ليجتمع الأشهاد بحضورهم ، والبينة الثانية عند الحاكم بشهادتهم .