پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص45

وروى جابر بن عبد الله أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من حلف يميناً فاجرة على منبري هذا ، ولو على سواك من آراك فليتبوأ مقعده من النار ‘ ومر عبد الرحمن بن عوف بقوم يحلفون رجلاً بين البيت والمقام فقال : أفي دم ؟ قيل : لا قال : أفعلى عظيم من المال ؟ قيل : لا ، قال : لقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا المكان وإذا تغلظت به الأيمان ، فأولى أن تغلظ به في اللعان .

أما تغليظه بالزمان فهو بعد العصر ، وقيل : أنه الوقت الذي ترفع فيه الأعمال لقوله تعالى : ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله ) [ المائدة 106 ] قيل : أنه أراد بها صلاة العصر وروى أبو هريرة عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يكلمهم رجل بايع إماماً ثم خانه ورجل حلف بعد العصر يميناً فاجرة ليقتطع بها مال امرئ مسلم ، ورجل فضل عنه ماء بالفلاة فلم يدفعه إلى أخيه ‘ .

وأما تغليظه بالجماعة ، فهو أن يشهد جماعة أقلهم أربعة ، لقوله تعالى : ( وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) [ النور : 2 ] والعذاب هو الحد ، فكذلك اللعان لتعلقه به ، ولأن اللعان رواه أحداث الصحابة ، كابن عباس ، وابن عمر وسهل بن سعد الساعدي ، ولا يحضر من الأحداث في مجلس الحكم والقضاء إلا مع أضعافهم من ذوي الأسنان ، وليكون اجتماع الناس فيه أزجر وأردع وليكونوا حجة إن تناكر المتلاعنان .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ قال ويبدأ فيقيم الرجل قائما والمرأة جالسة فيلتعن ثم يقيم المرأة قائمة فتلتعن إلا أن تكون حائضا فعلى باب المسجد ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح . الابتداء بلعان الزوج قبل الزوجة مستحق بالشرع وهو شرط في صحته ، فإن تقدمت الزوجة بلعانها لم يعتد به .

وقال مالك وأبو حنيفة تقديم الزوج مشروع وليس بمشروط ، فإن تقدمت الزوجة جاز ، وكان معتداً به . وهذا فاسد ، لقوله تعالى : ( ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ) [ النور : 8 ] فجعل لعانها إدراء للعذاب عنها وهو الحد عندنا والحبس عند أبي حنيفة ، والإدراء عنها يكون لما وجب عليها . واختلف من قال بهذا في النص المخالف على وجهين :

أحدهما : نص التنزيل لما تضمنه من التعليل في إدراء العذاب عنها بعد وجوبه عليها .