پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص44

( باب أين يكون اللعان )
( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ روي عن النبي ( ص ) أنه لاعن بين الزوجين على المنبر قال فإذا لاعن الحاكم بينهما في مكة فبين المقام والبيت أو بالمدينة فعلى المنبر أو ببيت ففي مسجده وكذا كل بلد ‘ .

قال الماوردي : أما اللعان فلا يصح إلا بحكم حاكم ، لأن النبي ( ص ) لاعن بين عويمر العجلاني وامرأته وبين هلال بن أمية وبين زوجته ، ولم يكن في أيامه لعان . غير هذين – فتولاه بينهما ، ولم يرده إليهما ولأن اللعان يمين عندنا – وشهادة عند أبي حنيفة ، وأيهما كان فلا يثبت به حق إلا بحكم ، فإذا ثبت اختصاصه بحكم الحاكم ، فاللعان موضوع للزجر حتى لا يقدم المتلاعنان على دعوى كذب وارتكاب محظور ، فوجب تغليظه بما يزجر عنه ويمنع منه ، وتغليظه يكون بأربعة أشياء : بالتكرار ، وبالمكان ، وبالزمان ، وبالجماعة .

فأما التكرار فهو إعادة لفظه بالشهادة أربع مرات يقول فيها : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ، ويلعن نفسه في الخامسة إن كان من الكاذبين ، وتكرر الزوجة شهادتها بالله أنه من الكاذبين أربع مرات ، وتأتي في الخامسة بغضب الله عليها إن كان من الصادقين ، وهذا مأخوذ من نص القرآن في قوله : ( فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ) [ النور : 6 ] .

وتكرار هذا العدد مستحق وشرط في صحة اللعان ، فإن ترك بعضه وإن قال لم يصح اللعان ولم يتم ، ولم يتعلق به حكم ، وقال أبو حنيفة : إن ترك أقله جاز ، وإن ترك أكثره لم يجز والكلام عليه يأتي ، وأما تغليظه بالمكان والزمان والجماعة فهو مشروع يؤمر به المتلاعنان ، وقال أبو حنيفة : ليس بمشروع ، ولا يستحب ونحن ندل على كل واحد منهما بما يدل على أنه مشروع فأما الدليل على تغليظه بالمكان واختصاصه بأشرف البقاع التي يتوقى فيها الإقدام على الفجور ، فرواية ابن عمر أن النبي ( ص ) لاعن بين الزوجين على المنبر فدل اختصاصه بالمنبر على تغليظه به لشرفه ، ولعظم العقوبة في الإقدام على المعاصي فيه .