پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص42

وقال أبو حنيفة : لا يجوز أن يلاعن إلا في نكاح صحيح يقع فيه طلاقه ويصح فيه ظهاره ، ولا يلاعن في نكاح فاسد ، ولا في موطوءة بشبهة وإن كانت ذات نسب يلحقه ، استدلالاً بقوله تعالى : ( والذين يرمون أزواجهم ) وليست هذه زوجته ، ولأنه قذف من غير زوج فلم يجز فيه اللعان كالأجنبي ، ولأن اللعان موضوع للفرقة فلم يصح في النكاح الفاسد كالطلاق ولأن من انتفى عنها أحكام النكاح من الطلاق والظهار ، والإيلاء انتفى عنها أحكام اللعان كالأجنبية ، وكغير ذات الولد .

ودليلنا قوله تعالى : ( والذين يرمون أزواجهم ) ، وهذه في حكم الأزواج في درء الحد ، ووجوب المهر ولحوق النسب ، فاقتضى أن تكون مثلهن في جواز اللعان ، ولأنها ذات فراش لا يقدر على نفي نسبه بغير اللعان ، فجاز له نفيه باللعان كالزوجة ، وخالفت الأمة التي يقدر على نفي ولدها بالاستبراء ، ولأن لحوق النسب في النكاح الصحيح أقوى ، لأنه يلحق بالعقد ، ولحوقه في النكاح الفاسد أضعف ، لأنه لا يلحق إلا بالإصابة ، فلما جاز أن ينفي باللعان أقوى السببين كان أن ينفي أضعفهما أولى ولأن المستفاد باللعان شيئان ، رفع الفراش ونفي النسب ، فلما جاز أن ينفرد برفع الفراش جاز أن ينفرد بنفي النسب ؛ لأن ما قدر على رفع شيئين قدر على رفع أحدهما ، ولأن أصول الشرع مستقرة على أن أحكام العقود الفاسدة معتبرة بأحكامها في الصحة ، فلما جاز نفي النسب في صحيح المناكح كان نفيه في فاسدها أولى . فأما الجواب عن الآية فهو استدللنا به منها .

وأما الجواب عن قياسهم على الأجنبي بأنه قذف من غير زوج فهو أن في حكم الأزواج في لحوق النسب ، وإن لم يكن زوجاً . فلذلك خالف فيه الأجنبي لاختصاصه بنسب يضطر فيه إلى نفيه بلعان ، وأما قياسهم على الطلاق ، لأنه موضوع للفرقة ، فالجواب عنه من وجهين :

أحدهما : أن الطلاق يملك بالعقد فلم يثبت إلا في صحيحه دون فاسده ، واللعان يملك بحدوث الزنا ، فجاز أن يملك به في صحيح العقد وفاسده .

والثاني : أن الطلاق مختص بالفرقة ، والنكاح الفاسد لا يحتاج فيه إلى وقوع الفرقة واللعان موضوع لنفي المعرة ، ووقوع الفرقة ، ونفي لحوق النسب ، فصح فيه اللعان لبقاء سببه ، ولهذا المعنى منعناه أن يلاعن من غير ذات ولد النسب لزوال أسبابه كلها .

( فصل )

فإذا ثبت جواز اللعان في النكاح الفاسد ووطء الشبهة ، تعلق بالتعانة فيهما من أحكام اللعان الأربعة حكمان :