أحدهما : أن اللعان في إدراء الحد كالبينة ، ثم ثبت أن بينته تقبل بعد الشروع في حده ، فكذلك التعانه يقبل .
والثاني : أنه لما جاز أن يسقط باللعان جميع الحد ، كان إسقاطه بعض الحد به أولى فإن قيل : فاللعان عندكم يمين واليمين إذا نكل عنها المدعى عليه ثم أجاب إليها بعد ردها على المدعي لم يجيز أن تعاد إليه فهلا كان اللعان بعد النكول عنه كذلك ؟
قيل الفرق بينهما أن اليمين حجة للمدعى عليه فإذا نكل عنها المدعى عليه صارت حجة للمدعي ، فلم يجيز أن تعاد إليه ، واللعان حق له لا ينتقل عنه فإذا أجاب إليه بعد امتناعه أجيب إليه .
( مسألة )
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وقال قائل كيف لاعنت بينه وبين منكوحة نكاحا فاسداً بولد والله يقول ( والذين يرمون أزواجهم ) فقلت له قال النبي ( ص ) ‘ الولد للفراش وللعاهر الحجر ‘ فلم يختلف المسلمون أنه مالك الإصابة بالنكاح الصحيح أو ملك اليمين قال نعم هذا الفراش قلت والزنا لا يلحق به النسب ولا يكون به مهر ، ولا يدرأ فيه حد ؟ قال نعم قلت : فإذا حدثت نازلة ليست بالفراش الصحيح ولا الزنا الصريح وهو النكاح الفاسد أليس سبيلها أن نقيسها بأقرب الأشياء بها شبهاً ؟ قال نعم قلت فقد أشبه الولد عن وطء بشبهة الولد عن نكاح صحيح في إثبات الولد وإلزام المهر وإيجاب العدة فكذلك يشتبهان في النفي باللعان وقال بعض الناس لا يلاعن إلا حران مسلمان ليس واحد منهما محدوداً في قذف وترك ظاهر القرآن واعتل بأن اللعان شهادة وإنما هو يمين ولو كان شهادة ما جاز أن يشهد أحد لنفسه ولكانت المرأة على النصف من شهادة الرجل ولا كان على شاهد يمين ولما جاز التعان الفاسقين لأن شهادتهما لا تجوز فإن قيل قد يتوبان فيجوزان قيل فكذلك العبدان الصالحان قد يعتقان فيجوزان مكانهما والفاسقان لو تابا لم يقبلا إلا بعد طول مدة يختبران فيها فلزمهم أن يجيزوا لعان الأعميين النحيفين لأن شهادتهما عندهم لا تجوز أبداً كما لا تجوز شهادة المحدودين ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قاله ، يجوز أن يلاعن من المنكوحة نكاحاً فاسداً والموطوءة بشبهه إذا أراد أن ينفي بلعانه نسباً ولا يجوز أن يلاعن بينهما إن لم ينفى نسباً .