پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص33

رواية المزني تحمل في منعه من اللعان إذا لم ينف به ولداً ، ورواية الربيع في جواز الالتعان إذا أراد أن ينفي به ولداً ، ولأن الولد لا ينتفي إلا باللعان ولا سبيل إليه بهذا القذف وإن سقط حده بالبينة فلذلك جوز له .

( فصل )

فأما إذا قذفها والتعن منها وامتنعت بعده من اللعان فحدت ثم قذفها الزوج بالزنا ثانية لم يحد لها ، لأن لعانه منها كالبينة في حدها وثبوت صدقه ، ويعزر تعزير السب والأذى ، وليس له إسقاطه باللعان قولاً واحداً ، ولو قذفها أجنبي بالزنا حد لها وإن لم يحد الزوج وكان لعانه منها كالبينة المسقطة لحصانتها في حقه لا في حقوق الأجانب .

وقال أبو حنيفة : إن لم ينف زوجها باللعان ولداً أو نفاه وقد مات فلا حد على الأجنبي في قذفها ، وإن نفى به ولداً باقياً فعليه الحد ، فوافق في حده مع بقاء الولد المنفي ، وخالف فيه مع عدمه ، وجعل لعان الزوج مسقطاً لحصانتها في حقه وحقوق الأجانب كالبينة وهذا غير صحيح لرواية عكرمة عن ابن عباس قال : فرق رسول الله ( ص ) بين المتلاعنين وقضى بأن لا يدعى ولدها لأب ، ولا ترمى ولا ولدها ، فمن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد فكان على عمومه ، لأنها حدت لامتناعها عن اللعان فلم تسقط حصانتها مع الأجانب كما لو كان ولدها المنفي باقياً ، والفصل بين الزوج والأجنبي في اللعان والتسوية بينهما في البينة ، أن البينة حجة عامة فسقطت مع عموم الناس واللعان حجة خاصة فسقطت به حصانتها مع الأزواج لا من جميع الناس .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن أنكر أن يكون قذفها فجاءت بشاهدين لاعن وليس جحوده القذف إكذابا لنفسه ‘ .

قال الماوردي : هذا كما قال ، إذا قامت عليه البينة بالقذف بعد إنكاره ، لم يكن إنكاره إكذاباً لنفسه في لعانه ، لأنه بالإنكار يقول : لم أقذفها بالزنا وقد تكون زانية وإن لم يقذفها ، فلذلك لاعن ، ولو أكذب نفسه في إنكاره فقال : ما زنت لم يكن له أن يلاعن بعد قيام البينة عليه بالقذف .

مثال ذلك من الوديعة إذا ادعيت عليه ، فإن قال : ليس لك في يدي وديعة ، أو لا تستحق معي وديعة ، فقامت عليه البينة بأنه قد أودعه فادعى تلفها قبل قوله ، لأنه لم يكذب نفسه في الأول ، ولو قال : لم تودعني ثم قال بعد قيام البينة عليه بالوديعة قد أودعتني وتلفت لم يقبل قوله ؛ لأنه مكذب لنفسه في الأول . كذلك حكم اللعان بعد إنكار القذف لا يكون مكذباً لنفسه بإنكار القذف فلذلك لاعن ، واختلف أصحابنا ، هل يكون إنكاره إكذاباً للبينة أم لا ؟ على وجهين : حكاهما ابن أبي هريرة .