الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص26
الأحكام كلها بلعان الزوج وحده ، وإنما يختص لعانها بسقوط الحد عنها ، فلذلك لم يمنع جنونها من لعانه منها ، وإن لم يكن لها ولد يريد نفيه ، فهو غير مطالب بحد القذف ، أو تغريره ما كانت في جنونها ، وفي جواز لعانه منها قبل إفاقتها وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من كلام الشافعي في هذا الموضع – أنه يلاعن ليتعجل به سقوط الحد اوالتغرير وليستفيد به وقوع الفرقة وتحريم التأبيد ، وهذا قول أبي إسحاق المروزي .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من كلام الشافعي في أول هذا الكتاب أنه لا يجوز أن يلاعن ما لم تطالب بالحد أو التغرير ، ولا سبيل إلى المطالبة به ما كانت الزوجة على جنونها ، ولا معنى لاستفادة الفرقة به لأنه يقدر عليها بالطلاق الثلاث فاستغنى به من اللعان .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا كانت المقذوفة مجنونة ، فطلب وليها حد القاذف ، أو كانت أمة فطالبه سيدها فلا حق لواحد منهما في المطالبة بحد ولا لعان ، ويكون ذلك موقوفاً على طلبها بعد الإفاقة ، لأمرين :
أحدهما : أن حد القذف موضوع للتشفي فكان موقوفاً على مطالبتها دون الولي كالقصاص .
والثاني : أنه من حقوق الأبدان دون الأموال فلم يكن للولي المطالبة به ، كما ليس له المطالبة بالقسم ولا يحق الإيلاء ومن هذين الوجهين فارق المطالبة بحقوق الأموال .
قال الماوردي : أما حد القذف فهو من حقوق الآدميين الموروثة ، وقال أبو حنيفة : هو من حقوق الله التي تسقط بالموت ولا تورث استدلالاً بأمرين :
أحدهما : أنه حد لا يرجع إلى مال فأشبه حد الزنا : ولأن حد الزنا والقذف متقابلان لتنافي اجتماعهما في القاذف والمقذوف ، ثم كان حد الزنا من حقوق الله تعالى التي لا تورث فكذلك حد القذف .
ودليلنا : هو أنه حق على البدن إذا ثبت باعترافه لم يسقط برجوعه فوجب أن