الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص19
قال الماوردي : ومقدمة هذه المسالة بيان أقل الزمان الذي يحتلم فيه الغلمان وهو عثر سنين .
وقال أبو حنيفة : اثنتي عشرة سنة اعتباراً بالوجود ، وأنه لم ير غلاماً احتلم لأقل منها بدليلنا عليه ورود السنة باعتبار العشر في أحكام البلوغ . وهو أن النبي ( ص ) : قال ‘ مروهم بالطهارة والصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجح ‘ ولأن أقل زمان الاحتلام معتبراً بالوجود ، وقد وجد من احتلم لعشر وإن ندر ، فاقتضى أن تكون حداً لأقله كالحيض لتسع ، وقد حكي أن عمرو بن العاص ولد له ابنه عبد الله وهو ابن عشر سنين ولو وجد من احتلم لأقل منها فجعلناه حداً ، لكن لم يوجد ، كما لم توجد من تحيض لأقل من تسع ولو وجدت لصارت حداً ، فإن قيل : لما صار أقل زمان الحيض تسعاً وأقل زمان الاحتلام عشراً .
قيل : قد كان أبو حامد الإسفراييني يجمع بينهما ، ويجعل أقل زمانهما تسع سنين ، ويحمل كلام الشافعي في العشر على أنها حد لحوق الولد تقريبا لأقل زمانه وإن قل الاحتلام على التحقيق لتسع سنين كالحيض ، لأنهما لما استويا في البلوغ بالسنين بخمس عشرة سنة ، وجب أن يستويا في البلوغ بالحيض والاحتلام لتسع سنين ، فعلى هذا لو جاءت امرأته الغلام بولد لتسع سنين وستة أشهر بعد التسع هي مدة أقل الحمل لحق به الولد لإمكان أن يكون منه ، وذهب سائر أصحابنا متقدموهم ومتأخروهم إلى أن أقل زمان الاحتلام عشر سنين ، وإن كان أقل زمان الحيض تسعاً لأن أقلها معتبر بالوجود ، وقد وجد الحيض لتسع ولم يوجد الاحتلام لأقل من عشر ، وليس يلزم اعتبار أحدهما بالآخر لافتراقهما في الوجود ، ثم لافتراقهما في المعنى وهو أن دم الحيض يرخيه الرحم بعد اجتماعه لضعف الجسد عن إمساكه ، ومني الاحتلام يخرج لقوة الجسم عن دفعه فصار بينهما شبه لزيادة القوة بهما .