الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص16
قال الماوردي : وهو كما قال : كل قذف أوجب الحد من الأجنبية كان قذفاً يجوز به اللعان من الزوجة ، سواء كان بلفظ الشهادة كقوله : رأيتها تزني ، أو كان بغير لفظ الشهاد كقوله : قد زنت ، أو يا زانية ، وهو قول أبي حنيفة .
وقال مالك : لا يجوز أن يلاعن إلا أن يقذفها بلفظ الشهادة إن كانت حائلاً ، ويجوز بغير لفظ الشهادة إن كانت حاملاً استدلالا بأن هلال بن أمية والعجلاني قذفاً بلفظ الشهادة ، وقال هلال : رأت عيني وسمعت أذني . فنزلت آية اللعان ، فكانت مقصورة على سببها ، ولأن اللعان كالشهادة في سقوط حد القذف عنه ووجوب حد الزنا عليه ، فوجب أن يكون القذف فيها بلفظ الشهادة كالشهادة .
ودليلنا عموم قوله تعالى : ( والذين يرمون أزواجهم ) الآية ، فاقتضى حكم العموم أن يصح اللعان من كل رام لزوجته ، فإن قالوا : اللفظ العام وارد على سبب خاص . والاعتبار بخصوص السبب ، قيل هذا غير مسلم ، بل عندنا أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لأمرين :
أحدهما أن السبب قد كان موجوداً ولا حكم ثم ورد اللفظ فتعلق به الحكم ، فكان اعتبار ما وجد الحكم بوجوده أولى من اعتبار ما لم يوجد الحكم بوجوده .
والثاني : أن تخصيص العموم إنما يقع بما ينافي اللفظ ولا يقع بما يوافقه ، والسبب موافق له ، فلم يجز أن يكون مخصصا ، ولأن كل قذف صح به اللعان إذا كان بلفظ الشهادة ، صح به اللعان وإن كان بغير لفظ الشهادة كالحامل ، ولأن كل قذف صح به لعان الحامل صح به الحائل قياساً على لفظ الشهادة . ولأن لعان الأعمى صحيح وإن استحال منه الشهادة ، وفي هذا دليل وانفصال .
أحدها : يجوز أن يقذفها ويلاعن منها وذلك في أربعة أحوال :
إما أن يراها تزني ، وإما أن تقر عنده بالزنا ، وإما أن يخبره بزناها ثقة يقع في نفسه صدقه . وإما أن يستفيض في الناس أنها تزني ويرى مع هذه الاستفاضة رجلا قد خرج من عندها في أوقات الريب فيتحقق به صدق الاستفاضة فيجوز له في هذه