پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص15

والثالث : أننا نسلم الحديث ، ونحمل قوله : ‘ لا لعان بين أربع ‘ ، إلا عند حاكم ، فإن قيل : فغيرهم لا يجوز لعانه إلا عند الحاكم فما فائدة التخصص ؟ .

قيل : فائدته أنه يجوز أن يتوهم فيهم لنقصهم بالكفر والرق جواز لعان العبد عند سيده ، ولعان الكافر في أهل دينه ، فنفى النص هذا التوهم ، على أن أبا إسحاق المروزي قال : لو صح الحديث وجب المصير إليه والقول به ، غير أنه لم يصح .

وأما الجواب عن قياسهم على الصغيرة : فهو أن للصغيرة حالتين : حالة يمكن وطؤها فاللعان فيها يصح ويكون موقوفاً على بلوغها ، لأن قذفها بالزنا يمكن أن يكون صدقاً ، ويمكن أن يكون كذباً .

والحال الثانية : أن تكون صغيرة لا يمكن وطء مثلها ، فالقذف هنا مستحيل للعلم يكذبه ، فخرج عن القذف المحتمل للصدق والكذب ، فإذا استحال صدقه لم يجز أن يقول : أشهد بالله إني لمن الصادقين كمن يجوز صدقه ، فلم يجز الجمع بين متنافيين . أما الجواب عن قولهم إن اللعان بين الزوجين كالحد في حق الأجانب ، فهو أنه غير مسلم بل لعان الزوج يمين في حق نفسه في سقوط حد القذف عنه ، وكالشهادة في حق الزوجة لوجوب حد الزنا عليها ، والشهادة تسمع على الكافرة والمملوكة ، فكذا اللعان .

( فصل )

فإذا ثبت ما ذكرنا من كون اللعان يميناً يصح من الكافرين والمملوكين كما يصح من الحرين والمسلمين ، فقد قال الشافعي : كان ذلك من كل زوج جاز طلاقه ولزمه الفرض ، وكذلك على كل زوجة لزمها الفرض ، والمراد بقوله : جاز طلاقه أي كان مكلفاً ؛ لأن غير المكلف بالصغر والجنون لا يصح طلاقه فكذلك لا يصح لعانه ، وقوله : ولزمه الغرض ، أراد به التكليف ، فعبر عنه بعبارتين فسر إحداهما بالأخرى ، وكذلك لعانها لا يصح منها إذا كانت غير مكلفة بصغر أو جنون ، وإن صح أن يلاعن الزوج منها في هذه الحالة لرفع الفراش ونفي النسب ، ثم قال الشافعي : ولعانهم كلهم سواء ، لا يختلف القول فيه الفرقة ونفي الولد وهذا صحيح ، ليس يختلفان اللعان بالكفر والإسلام كما تختلف حدود القذف ، ولا بالحرية والرق كما تختلف الحدود والطلاق . وجميعهم في صفة اللعان وأحكامه سواء ، ثم قال : وتختلف الحدود لمن وقعت له وعليه وهذا صحيح ، إنما يختلف حد القذف في المقذوف بالإيجاب والإسقاط ، فإذا كان المقذوف كاملاً بالحرية والإسلام وجب على قاذفه الحد ، وإن كان ناقصاً بالرق ، أو الكفر يسقط الحد ، ويلزم التعزير ، ويختلف حد القذف في القاذف بالزيادة والنقصان ، فإن كان حراً وجب عليه الحد الكامل ثمانون جلدة سواء كان مسلماً أو كافراً ، وإن كان مملوكاً وجب عليه نصف الحد أربعون جلدة والله أعلم .