پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص13

والثاني : قوله : ( فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ) فعبر عنه بلفظ الشهادة وعلق عليه عدد الشهادة في الزنا فدل اللفظ والعدد على أنه شهادة . وقال : ولأن ما لا يصح إلا بلفظ الشهادة لم يكن يميناً وكان شهادة اعتباراً بسائر الشهادات ، قال : ولأنه رفع حكم القذف فوجب أن يكون شهادة كالبينة ، واستدل على أنه لا يصح منهما إذا كان أحدهما كافراً أو مملوكاً أو محدوداً . برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، أن النبي ( ص ) قال : ‘ أربع من النساء لا لعان بينهن وبين أزواجهن ، النصرانية واليهودية تحت مسلمين والحرة تحت مملوك والمملوكة تحت حر ‘ قالوا : هذا نص قالوا : ولأن كل من لم يكمل الحد يقذفها لم يصح اللعان بينها وبين زوجها كالصغيرة ، قالوا : ولأن اللعان بين الزوجين كالحد في حق الأجانب فلما لم يجب الحد إلا بقذف حرة مسلمة لم يصح اللعان إلا من حرة مسلمة ، والدليل على أن اللعان يمين وليس شهادة . ما روي عن النبي ( ص ) قال في زوجه هلال بن أمية حين جاءت بولدها على النعت المكروه : ‘ لولا ما مضى من الأيمان لكان لي ولها شأن ‘ فسمى اللعان يميناً ، ولأنه لا يجوز أن يشهد الإنسان لنفسه وإن جاز أن يحلف لها ، وكل واحد من الزوجين يلاعن عن حق لنفسه فثبت أنه يمين وليس بشهادة ، ولأنه لو كان شهادة لما لزم تكراره أربعاً ، لأن الشهادة لا تكرر والأيمان قد تكرر ، ولأن الشهادة لا يتضمنها لعن ولا غضب ولأن المرأة لا تساوي الرجل في الشهادة وتساويه في الأيمان ، وهي في اللعان مساوية للرجل فثبت أنه يمين ، ولأن لفظ اللعان أن يقول : أشهد بالله ، ولا خلاف أن قول الإنسان في غير اللعان : أشهد بالله ، أنه يمين فكذلك في اللعان ولأنه لو كان شهادة لما صح لعان الفاسقين ، ولا من الأعميين التحصن وقد وافق على صحة لعان هذين فدل على أنه يمين وليس بشهادة ، والدليل على أنه يصح من الكافرين والمملوكين ، عموم على أنه يمين وليس بشهادة ، والدليل على أنه يصح من الكافرين والمملوكين ، عموم قوله تعالى : ( والذين يرمون أزواجهم ) [ النور : 6 ] ولم يفرق ، ولأن كل زوج صح طلاقه صح لعانه كالحر المسلم ، ولأن كل ما خرج به الزوج من قذفه إذا كان من أهل الشهادة خرج به من القذف إن لم يكن معه أهل الشهادة كالبينة ، ولأنه ما وقعت به الفرقة بين الزوجين المسلمين وقعت به الفرقة بين الكافرين والمملوكين كالطلاق ، وأما الجواب عن استدلالهم في أنه شهادة بقوله تعالى : ( ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ) ، فمن وجهين :

أحدهما : أنه لما أضاف الشهادة إلى نفسه خرجت من حكم الشهادات ، لأنه لا يصح أن يشهد لنفسه .

والثاني : أنه وإن كان بلفظ الاستثناء فمن حكم الاستثناء أن يكون مخالفاً لحكم المستثنى منه .