الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص12
يخلو إمساكها من أحد أمرين ، إما أن يكون لعفو أو لتوقف .
فإن كان إمساكها لتوقف عن المطالبة من غير عفو عنه ، جاز للزوج أن يلاعن ليسقط به الحد عن نفسه ، وليرفع به الفراش ، وينفي به النسب ، وإن كان إمساكها لعفو عن الحد ، نظر فإن كان هناك ولد يريد الزوج نفيه باللعان فعليه أن يلتعن لنفيه ، لأنه لا ينتفى عنه إلا بلعان ، وإن لم يكن هناك ولد ينفى ، ففي جواز لعانه وجهان :
أحدهما : يجوز أن يلتعن لرفع الفراش بالتحريم المؤبد .
والوجه الثاني : ليس له أن يلاعن ، لأنه لا يستفيد بلعانه فائدة ، وتحريمها يقدر عليه بطلاقه ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال اللعان يمين تصح من كل زوج صح طلاقه وظهاره ومع كل زوجة صح منها فعل الزنا ، سواء كانا مسلمين أو كافرين أو أحدهما مسلماً والآخر كافراً ، وسواء كانا حرين أو مملوكين ، أو أحدهما حراً والآخر مملوكاً ، وسواء كانا عفيفين أو محدودين في قذف أو أحدهما عفيفاً والآخر محدوداً ، وبه قال من التابعين الحسن البصري ، وسعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ومن الفقهاء : ربيعة ، ومالك ، والليث بن سعد ، وسفيان الثوري ، وابن شبرمة ، وأحمد وإسحاق .
وقال أبو حنيفة ، وصاحباه : اللعان شهادة لا تصح إلا من مسلمين حرين ، عفيفين ، فإن كانا كافرين أو أحدهما ، أو مملوكين أو أحدهما ، أو محدودين في قذف أو أحدهما ، لم يصح لعانه .
وبه قال الزهري ، والأوزاعي ، واستدل على أن اللعان شهادة بقول الله تعالى : ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ) [ النور : 6 ] فدلت هذه الآية على أن اللعان شهادة من وجهين :
أحدهما : قوله ( ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ) . فاستثنائهم من الشهداء بأن جعلهم شهداء لأنفسهم ، والاستثناء من الجملة داخل في جنسها .