پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص11

الآدميين كالديون ، فإن قالوا : ينتقص بالقطع في السرقة ولا يستوفي إلا بالمطالبة ثم هو من حقوق الله تعالى : قيل فيه وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه يجوز للإمام أن يقطع السارق من غير مطالبة إذا ثبت عنده سرقته ، فعلى هذا سقط السؤال .

والثاني : وهو مذهب الشافعي أنه لا يقطع إلا بالمطالبة بالمال لا بالقطع ، والتعليل موضوع على أن ما لا يستوفى إلا بالمطالبة فهو من حقوق الآدميين .

فلم يدخل عليه القطع في السرقة .

وقياس ثالث : وهو أنه معنى وضع لرفع المعرة ، فوجب أن يكون من حقوق الآدميين كطلب الكفارة في المناكح ، ولأن الدعوى فيه مسموعة واليمين فيه مستحقة ، وحقوق الله تعالى لا تسمع فيها الدعوى ولا تستحق فيها الأيمان .

أما الجواب عن قولهم أن الخطاب في استيفائه متوجه إلى الولاة من الأئمة والحكام ، فهو أن المقصود بخطابهم ، أن يقوموا باستيفائها لمستحقيها لأنهم إما أن يعجزوا عنها إن ضعفوا ، أو يتعدوا فيها إن قووا فكان استيفاء الولاة لها أعدل .

فأما الجواب عن قياسهم على حد الزنا والخمر فهو المعارضة في معنى الأصل ، إما بأنه يسقط بالرجوع بعد الاعتراف ، وإما بأنه يستوفى من غير طلب ، فخالفه حد القذف الذي لا يسقط بالرجوع بعد الاعتراف ولا يستوفى إلا بالمطالبة .

وأما الجواب عن قولهم : أنه لما وجب عليه الحد في قذف نفسه كان من حقوق الله تعالى ، فهو أن حد القذف لا يجب عليه في قذف نفسه ، وإنما يصير بقذف نفسه مقراً بالزنا فلزمه حده دون القذف ، وحد الزنا لله تعالى فكان مأخوذاً به . وحد القذف لنفسه فكان ساقطاً عنه .

( فصل )

فإذا تقرر أن حد القذف من حقوق الآدميين المحصنة يجب بالطلب ويسقط بالعفو ، وقذف الرجل امرأته بالزنا فلهما ثلاثة أحوال :

أحدهما : أن تمسك الزوجة عن المطالبة ، ويمسك الزوج عن اللعان ، فلا اعتراض على واحد منهما ، وهما على النكاح والاستباحة ، وحكم القذف موقوف لا يسقط بالتأخير ولا يؤثر فيه الإمساك .

والحال الثانية : أن تطلب الزوجة بالحد مع إمساك الزوج عن اللعان ، فيقال للزوج أنت مخير في الالتعان فإن التعنت وإلا حددت .

والحال الثالثة : أن يدعو الزوج إلى اللعان مع إمساك الزوجة عن طلب الحد ، فلا