پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص10

والرابع : وهو مذهب أبي يوسف : أنه حق مشترك بين حق الله تعالى وحق الآدمي لا يجب إلا بالمطالبة ويسقط بالعفو .

والخامس : وهو مذهب مالك : أنه من الحقوق المشتركة بين حق الله تعالى وحق الآدمي فإن سمعه الإمام وشاهدان وجب بغير مطالبة ، وإن سمعه الإمام وحده لم يجب إلا بالمطالبة ، ويجوز العفو عنه قبل الترافع إلى الإمام ، ولا يجوز العفو عنه بعد الترافع إليه .

واستدل أبو حنيفة ومن ذهب إلى أنه من حقوق الله تعالى بقوله سبحانه : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) [ النور : 4 ] وهذا خطاب متوجه إلى أولي الأمر من الأئمة والحكام ، وكل خطاب توجه من الله تعالى إليهم في حق كان ذلك الحق من حقوق الله تعالى لا من حقوق الآدميين كقوله : ( الزاني والزانية فاجلدوا ) [ النور : 2 ] ، و ( السارق والسارقة فاقطعوا ) [ المائدة : 38 ] ولأنه حق لا ينتقل إلى مال فوجب ألا يكون من حقوق الآدميين كالزنا .

ولأنه حد يفرق على جميع البدن فأشبه حد الخمر ، ولأنه لو كان من حقوق الآدميين لوجب إذا قذف الإنسان نفسه فقال : زنيت أن لا يحد ، لأنه لا يصح أن يثبت له على نفسه حق فلما وجب عليه الحد في قذفه ثبت أنه من حقوق الله تعالى ، ودليلنا قول النبي ( ص ) في حجة الوداع ‘ ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ‘ .

ووجه الدليل منه أنه أضاف أعراضنا إلينا كإضافة دمائنا وأموالنا ، ثم كان ما وجب في الدماء والأموال من حقوق الآدميين فكذلك ما وجب في الأعراض .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من منزله يقول : اللهم إني قد تصدقت بعرضي على عبادك ‘ . فدل هذا الخبر على أن ما وجب عن عرضه من حقه ، ودل على صحة عفوه .

ومن القياس أنه حق على بدن إذا ثبت بالاعتراف لم يسقط بالرجوع فوجب أن يكون من حقوق الآدميين كالقصاص .

وقياس ثان أنه حق لا يستوفيه الإمام إلا بعد المطالبة فوجب أن يكون من حقوق