الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص9
أما الجواب عن قوله : إنها زيادة على النص فتعتبر نسخاً فمن وجهين : أحدهما : أن كليهما نص فلم يكن ناسخاً .
والثاني أن الزيادة على النص لا تكون عندنا نسخاً ، لأن النسخ يكون فيما لا يمكن الجمع بينهما والجمع هاهنا ممكن فلم تعتبر نسخاً .
وأما الجواب عن قولهم : لما لم يجز نقل اللعان إلى الأجانب لم يجز نقل الحد إلى الأزواج فمن وجهين :
أحدهما : أن آية القذف عامة فدخل فيها الأزواج ، وآية اللعان خاصة فخرج منها الأجانب فلم يجز اعتبار إحدى الآيتين بالأخرى .
والثاني : أن علة الحد القذف وهو موجود في الأزواج فساوى فيه الأجانب وعله اللعان الزوجية وهو معدوم في الأجنبي فخالف فيه الأزواج . وأما الجواب عن قولهم : إنه لو وجب عليه الحد ما كان له إسقاطه بنفسه ، فهو أن اللعان إما أن يكون يميناً على قولنا أو شهادة على قولهم ، ولكل واحد منهما مدخل في الإبراء من الحقوق فلم يمتنع أن يسقط به الحد ، وأما الجواب عن قولهم : إن اللعان تكرير القذف فلم يسقط به حد القذف فمن وجهين :
أحدهما : أنه يمين أو شهادة ولا يكون واحداً منهما قذفاً .
والثاني : أنه مأمور باللعان عندنا على طريق الجواز وعندهم على وجه الوجوب ، والقذف منهي عنه وغير داخل في الحكمين فبطل بهذين أن يكون قذفاً . . والله أعلم .
قال الماوردي : اختلف العلماء في حد القذف على خمسة مذاهب :
أحدهما : وهو مذهب الشافعي : أنه من حقوق الآدميين ، لا يجب إلا بالمطالبة ويسقط بالعفو وينتقل إلى الورثة بالموت .
والثاني : وهو مذهب الحسن البصري : أنه من حقوق الله تعالى المحصنة يجب بغير مطالبة ولا يسقط بالعفو .
والثالث : وهو مذهب أبي حنيفة : أنه من حقوق الله المحصنة ، لأنه لا يجب إلا بالمطالبة ولا يسقط بالعفو ولا ينتقل إلى الورثة بالموت .