الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص523
وإصلاح الخلة وهذا موجود في الإطعام بالغداء والعشاء كوجوده بالعطاء . ودليلنا هو أن كل ما وجب صرفه في المساكين لزم فيه العطاء والتمليك كالكسوة ولأنه قوت وجب صرفه إلى المساكين فوجب أن يراعى فيه التمليك كالزكاة ، ولأن استهلاك الطعام كان على ملكه فلم يجزه عن كفارته أصلا إذا أباح المساكين إطعامهم ، ولأن النية في الكفارة مستحقة عند إخراجها عن ملكه ونية الكفارة عند الغداء والعشاء متعذرة لأنه إن نوى عند التقديم كانت نية قبل الإخراج وإن نوى عند الأكل كانت نية بعد الاستهلاك وإن نوى مع كل لقمة شق ، ولأن التمليك أعم منفعة من الأكل لأنه يقدر على إدخاله على بيعه وعلى أكله فلم يجز أن يسقط حقهم من عموم المنافع بأخذها وفي هذا انفصال عن الاستدلال .
قال الماوردي : وهذا قاله احتجاجاً في جواز إخراج القيم في الزكوات وكذلك في الكفارات وقد تقدم الكلام معه في المنع من إخراج القيم في الزكوات وكذلك في الكفارات .
ومن القياس في غير المسألة أنه أحلها يكفر بها ولم يجز إخراج القيمة في العتق .
فإن قالوا : والمعنى في العتق أنه مستحق للعبد وليس في العتق أنه يستحق العبد ، فإذا أخرج قيمته صارت مصروفة في غير مستحقة وليس كذلك قيمة الطعام والكسوة لأنه انصرف في مستحق الطعام والكسوة . قلنا : لا فرق بين أن يدفع إلى المستحق غيره وبين أن يدفع الحق إلى غير مستحقه في أنه يصرف الحق إلى غير مستحقة ألا ترى أنه لا يجوز في حقوق الآدميين أن يدفع إلى صاحب الحق قيمته بدل حقه كما لا يجوز أن يدفعه إلى غيره . فإن قالوا : أوليس القياس يجوز أن يدفع إلى صاحب الحق قيمة حقه عن تراض فكذلك يجوز أن يدفع إلى المساكين قيمة ما يستحقونه عن تراض قيل : لأن حقوق الآدميين تتعين فجاز أن يقع التراضي على القيمة والكفارة مستحقة لغير معين فلم يصح التراضي على القيمة والله أعلم . نجز كتاب الظهار .