پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص520

ومن الدليل عليه : أنه حق مخرج باسم التكفير فلم يجز وضعه في الكفار كالعتق في كفارة الظهار والقتل ، ولأن كل من لم يجز دفع زكاة المال إليه لم يجز دفع الكفارة إليه كالحربي .

( مسألة : )

قال الشافعي رضي الله عنه : ( ( وقال ) في القديم لو علم بعد إعطائه أنه غني أجزأه ثم رجع إلى أنه لا يجزئه ( قال المزني ) رحمه الله وهذا أقيس لأنه أعطي من لم يفرضه الله تعالى له بل حرمه عليه والخطأ عنده في الأموال في حكم العمد إلا في المأثم ) .

قال الماوردي : وهذه المسألة قد مضت في قسم الصدقات ، وذكرنا أنه إذا أعطى من الزكوات أو الكفارة من ظن أنه مستحقاً فبان غير مستحق ، فإن خرج من أهل الاستحقاق بكونه عبداً أو كافراً لم يجزه لأن الرق والكفر أمارة ظاهرة قل ما يخفيان معها فإن الخطأ فيها لتقصير منه في الاستدلال عليها ، وإن خرج من أهل الاستحقاق لكونه غنياً ، فإن لم يجتهد فيه عند الدفع إليه لم يجزه لتقصيره ، وإن اجتهد ففي إجزائه قولان :

أحدهما : قاله في القديم وبه قال مالك وأبو حنيفة يجزئه ؛ لأنه يجوز أن يعمل على اجتهاده فلم يلزمه الإعادة مع وجود الاجتهاد ولأن النبي ( ص ) قال للرجلين اللذين وقفا عليه وسألاه من مال الصدقة : ( إن شئتما فلا حظ فيها لغني ولا لذي مرة سوي ) ثم أعطاهما رجوعاً إلى قولهما وعملاً على الظاهر من احوالهما .

والقول الثاني : وهو قوله في الجديد أنه لا يجزئه ؛ لأن الخطأ في المستحق يمنع من الإجزاء كما لو بان عبداً أو كافراً ، ولأن الخطأ في دفع الحقوق إلى غير مستحقها لا يقتضي البراءة منها كالودائع إذا دفعت إلى غير أربابها والديون إذا أديت إلى غير أصحابها ، ومثل هذين القولين في هذه المسألة المجتهد في القبلة إذا تيقن الخطأ ، والمتيمم إذا وجد الماء في رحله ، والمصلى إذا علم أنه كان في ثوبه نجاسة أو نسي قرأة الفاتحة ومن اشتبهت عليه الشهور في رمضان فبان أنه صام شعبان ففي هذه المسائل كلها قولان كدفع الكفارة إلى من بان أنه غني .

( مسألة : )

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ( ويكفر بالطعام قبل المسيس لأنها في معنى الكفارة قبلها ، ولو أعطى مسكيناً مدين مدا عن ظهاره ومدا عن اليمين أجزأه لأنهما كفارتان مختلفتان ) .