الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص505
وأما الإغماء فإن استدام في جميع اليوم أبطله ، وإن لم يبطل بالنوم .
وقال المزني : لا يبطل بالإغماء كما لا يبطل بالنوم .
وقال أبو سعيد الاصطخري : يبطل بالنوم كما يبطل بالإغماء .
والفرق بينهما أصح وهو أن النوم صحة معتادة إذا نبه معها تنبه فجرى عليه حكم اليقظة في صحة الصوم والإغماء مرض يزيل التمييز ويفارق الشهوة ويفارق العادة ولا ينتبه إذا نبه فصار بالجنون أشبه ، فأما إذا أغمي عليه في بعض اليوم وأفاق في بعضه فالذي نص عليه الشافعي في هذا الموضع من كتاب الظهار أنه إن كان مفيقاً في أول اليوم وعند طلوع فجره لم يفسد صومه بحدوث الإغماء من بعده لأنه دخل في الصوم وهو يعقل ، وإن كان أغمي عليه في أول اليوم وعند طلوع فجره فسد صومه ، وإن أفاق من بعده لأنه دخل فيه وهو لا يعقل .
وقال في كتاب الصيام إن افاق في بعض يوم صح يومه .
وقال في اختلاف العراقيين ولو حاضت أو أغمي عليها بطل صومها فخرج أصحابنا اختلاف هذه النصوص الثلاثة على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه يبطل الصوم بوجود الإغماء في بعضه كالجنون .
والقول الثاني : أنه لا يبطل الصوم بالإغماء إذا وجدت الإفاقة في بعضه كالنوم .
والقول الثالث : إن كانت الإفاقة في أوله لم يبطل بحدوث الإغماء في باقيه وإن كان الإغماء في أوله لم يصح بحدوث الإفاقة في باقية .
وقال أبو العباس بن سريج وأبو إسحاق المروزي لا يصح صومه مع الإغماء إلا أن توجد الإفاقة في طرفيه في أوله عند الدخول وفي آخره عند الخروج اعتباراً بوجود القصد في أول العبادة وآخرها كما تلزم النية في الصلاة مع الدخول فيها والخروج منها . فمن أصحابنا من جعل هذا قولاً رابعاً للشافعي وأنكر الأكثرون منهم تخريجه قولاً للشافعي وجعلوه مذهباً لهما وفرقوا بين أول الصوم وآخره بأن أول الصوم تعتبر فيه النية فاعتبرت فيه الإفاقة وآخره لا تعتبر فيه النيه فلم تعتبر فيه الإفاقة وقد مضت هذه المسألة في كتاب الصيام مستوفاة .