الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص491
قال الماوردي : وأصل هذا أن الله تعالى أطلق تحرير الرقبة في كتابه بقوله ( فتحرير رقبة ) أطلقها ولم يصفها فأجمع من تقدم الشافعي وعاصره على أن عموم الإطلاق غير مستعمل وأن من الرقاب ما يجزئ ومنها ما لا يجزئ فكان العموم مخصوصاً وخالف داود من بعد فقال : العموم مستعمل وجميع الرقاب تجزئ من معيب وسليم وناقص وكامل تمسكاً بالعموم واحتجاجاً بالتسوية بين الصغير والكبير مع اختلافهما في النقص والكمال ، وهذا خطأ مدفوع بإجماع من تقدمه ، ولما روي أن رجلا أتى رسول الله ( ص ) برقبة سوداء فقال : يا رسول الله علي عتق رقبة أفأعتق هذه ؟ فقال لها رسول الله ( ص ) ( أين الله ؟ ) فأشارت إلى السماء فقال لها ( من أنا ؟ ) فأشارت إليه . وإلى السماء تعني رسول الله ( ص ) فقال : أعتقها فإنها مؤمنة فدل سؤال السائل عنها وامتحان النبي ( ص ) لها على ان العموم مخصوص وأن من الرقاب ما يجزئ ومنها ما لا يجزئ فبطل به قول داود أن كل الرقاب تجزئ ، ولأن الله تعالى أطلق في الكفارة ذكر العتق والإطعام ثم كان عموم الإطعام مخصوصا في أن لا يجزئ منه إلا مقدر ولا يجزئ ما انطلق عليه الاسم من إطعام لقمة وكسرة ، وكذلك العتق يجب أن يكون مخصوص العموم بما يقتضيه مقصود التحرير .