الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص489
فيه لم يكن على يقين من أدائها لجواز أن تكون الكفارة عن قتل ولا على يقين من بقائها لجواز أن تكون عن ظهار ، فإن بان له بعد ذلك أنها عن ظهار أجزأه لأنه قد تعين بالنية ما وجب عليه ، وإن بأن أنها عن قتل لم يجزه لأنه قد تعين بالنية ما لم يجب عليه فصار الواجب باقياً عليه . فإن قيل : فهلا كان كمن شك في حدثه هل هو من بول أو نوم فتوضأ ينوي حدث البول ثم بان أنه عن نوم أجزأه .
قيل : الفرق بينهما أن رفع الحدث الواحد رافع لجميع الأحداث وليست الكفارة الواحدة رافعة لجميع الكفارات . ولو علم أنه عليه عتق رقبة وشك فيها هل وجبت عليه عن قتل أو ظهار أو نذر فأعتق رقبة ينوي بها العتق الواجب عليه لم يجزه لما ذكرنا من أن نية التكفير مستحقة في العتق ولو نوى بها العتق عن التكفير نظر في عتق النذر فإن كان مستحقاً في نذر اللجاج الخارج مخرج الإيمان أجزأه هنا العتق لأن العتق في هذا النذر تكفير أيضاً وإن كان نذر مجازاة أو تبرر لم يجزه لأنه لا يكن العتق فيه تكفيراً وقيل له : أنت على غير يقين من أدائها ولا من بقائها في النذر وحده ، فإن أعتق رقبة ثانية ينوي بها عتق النذر وحده أجزأه وسقطت الكفارة يقيناً عن ذمته لأن عتق التكفير قد سقط بالعتق الأول وإن لم يتعين وعتق النذر قد سقط الثاني المعين .
قال الماوردي : ومقدمة هذه المسألة أن في ملك المرتد ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن ملكه باق ما كان حياً وتصرفه فيه جائز .
والقول الثاني : أن ملكه زائل عن ملله وتصرفه فيه مردود .
والقول الثالث : أن ملكه موقوف مراعى وكذلك تصرفه ، فإن قتل بالردة علم زوال ملكه وفساد تصرفه بنفس الردة ، وإن عاد إلى الإسلام علم أن ملكه كان باقياً وتصرفه جائزاً ، ولتوجيه هذه الأقاويل موضع من كتاب الردة .
فإذا ثبت ما وصفنا منها وكان على المرتد كفارة من قتل أو ظهار وجبت عليه قبل ردته فإن قيل بأن ملكه فيه ثابت وتصرفه فيه جائز أو قيل أنهما على الوقف والمراعاة جاز له إخراج الكفارة من ماله ، وإن قيل أن ملكه زائل وتصرفه مردود ففي جواز تكفيره من ماله وجهان :