الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص466
بانفراد أحدهما يهودياً لقول النبي ( ص ) ( الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ) فإذا اختلف دين الأبوين غلب دين الإسلام لعلوه على سائر الأديان ، ولأنها لو أسلمت والولد حمل صار مسلماً بإسلامها فكذلك إذا أسلمت بعد وضعه وقبل بلوغه ، فإن قالوا : إذا كان حملا وهو متصل بها يجري مجرى أبعاضها فلم يتميز عن جملتها فإذا انفصل تميز ويختص بحكمه يتبعها في البيع إذا كان حملاً ولا يتبعها إذا كان منفصلاً ، فلما كان بإتباعه في الدين يصح بعد الانفصال وقبله كما لو أسلم أبواه وإتباعه في البيع لا يصح بعد الانفصال كما لو بيع أبواه فلم يجز الجمع بينهما ، ولأن البعضية في الأم متحققة وفي الأب مظنونة فلما صار بإسلام الأب مسلماً فأولى أن يصير بإسلام الأم مسلماً .
فإن قيل : لأنه يتبع أباه في النسب وفي الحرية وعقد الصلح فيتبعه في الإسلام بخلاف الأم . قيل : هذا الاعتبار يفسد بإسلامها وهو حمل ثم قد يعتبر بأمه دون أبيه في الحرية والرق ولا يقتضي أن يكون لها فضل مزية على الأب لاشتراكهما في البعضية كذلك في الإسلام .
وقال مالك : لا يجوز عتقها إلا بعد أن تصلي وتصوم بعد البلوغ واستدل أحمد بأمرين :
أحدهما : أنه لما يقبل في دية الجنين إلا بالغ لم يعتق في الكفارة إلا بالغ .
والثاني : أن الصغر كالزمانة لاستيلاء العجز عليه وعتق الزمن لا يجزئ في الكفارة كذلك عتق الصغير .
وأما مالك : فاستدل بأن إسلامه قبل الصلاة والصيام مظنون وبعده متحقق – ودليلنا : عموم قوله تعالى : ( فتحرير رقبة ) ولم يفرق ولأنها رقبة مسلمة سليمة فجاز عتقها كالكبيرة ولأن عتق الصغير أطول في الحرية مقاماً فكانت بالعتق أولى أن يفك من أسر الرق من الكبير فكانت بالعتق في الكفارة أولى . ولأن عتق الكفارة مواساة والصغير أحق بالمواساة من الكبير .
وأما الجواب عن الاستدلال بدية الجنين فمن وجهين ظاهر ومعنى .
أما الظاهر : فهو أن الشرع فرق بينهما في إطلاق الرقبة في الكفارة وتقييده في الدية بغرة عبد أو أمة .