الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص464
والثاني : تعليقه بالإجزاء فإن قيل : إنما اعتبر الإيمان وعلقه بالإجزاء لأن في الرواية أنه قال : علي رقبة مؤمنة . روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلاً أتى بجارية فقال : يا رسول الله علي عتق رقبة مؤمنة أفأعتق هذه فقال لها : ( أتشهدين أن لا إله إلا الله وأنني رسول الله ) قالت : نعم قال : ( تصومين ) قالت : نعم قال : ( أعتقها فإنها مؤمنة ) وقالوا هذه زيادة فكان الأخذ بها أولى . وعن هذا جوابان :
أحدهما : أن الزيادة أولى إذا كان الخبر واحداً وهذان خبران في قضيتين مختلفتين .
والثاني : يجوز أن يكون قوله : ( علي رقبة مؤمنة ) لعلمه بأن العتق في الرقاب لا يجزئ فيه إلا عتق المؤمنة فصار بالدلالة عليه أشبه لأنه لم ينقل في الحديث أنه من نذر ولا قتل . ويدل على ذلك من طريق المعنى : أنه تكفير بعتق فوجب أن يكون من شرطه الإيمان كالعتق في كفارة القتل ، ولأن كل عتق لا يجزئ في كفارة الظهار كالمعصية ولأنها منقوصة بالكفر لم تجز في كفارة القتل فلا تجزئ في كفارة الظهار كالوثنية . ويدل على ذلك من طريق الاستدلال ثلاثة أشياء :
أحدها : ما ذكره الشافعي أن الله تعالى فرض في أموالنا حقوق الزكوات والكفارات فلما لم يجز وضع الزكاة إلا في المسلمين دون المشركين لأن أبا حنيفة وافقنا عليه وخالفنا في زكاة الفطر كذلك لا يجوز وضع الكفارات بالعتق إلا في المسلمين دون المشركين .
والثاني : أن الله تعالى أباح استرقاق المشركين إذلالاً وصغاراً وأمر بالعتق في الكفارة إيجاباً على وجه القربة برفع الذل والاسترقاق فلم يجز أن يكون المأمور برفع استرقاقه قربة هو المأذون في استرقاقه مذلة .
والثالث : أن عتق الكفارة ثبت على التأبيد والكافر لا يتأبد لأنه قد يجوز أن ينقض العهد ويلحق بدار الحرب ثم يسبأ فيسرق وهذا لا يتصور في عتق المسلم فلذلك أجزأ عتق المسلم لأنه متأبد ولم يجز عتق الكافر لأنه غير متأبد . فأما الآية فالجواب عن تعلقهم بعموم إطلاقها تخصيصها بما ذكرنا والجواب عن تعلقهم منها : بأن الزيادة على النص نسخ فمن وجهين :
أحدهما : أن الزيادة على حكم النص بدليل قام عليه لا يكون نسخاً .
والثاني : أنه تخصيص بعض ما شمله العموم وإخراج بعضه فصار نقصاً لا زيادة وإنما صار تخصيصاً لأمرين :