الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص462
الكافرة الكتابية سوى الوثنية وهو قول سفيان الثوري والنخعي وعطاء استدلالاً بقوله تعالى فتحرير رقبة فكان الاستدلال بها من وجهين :
أحدهما : إطلاقها المقتضي ما وقع عليه الاسم من غير تخصيص .
والثاني : أن اشتراط الإيمان زيادة على النص والزيادة على النص تكون نسخ ونسخ القرآن لا يكون إلا بالقرآن أو بأخبار التواتر ومن طريق المعنى أنهم قالوا أنها رقبة تامة في عتقها قربة فوجب أن تجري في كل كفارة الظهار كالمؤمنة فاحترزوا في قولهم تامة من ذوات النقض وبقولهم في عتقها قربة من الوثنية لأنه لا قربة في عتقها قالوا ولأن الكفر معنى يجب به القتل فوجب ألا يمنع من العتق في كفارة الظهار كعتق العبد القاتل قالوا ولأن الكفر معصية في الدين فلم يمنع من أنها جزاء في كفارة الظهار كالمعتق .
ودليلنا : قوله تعالى ( فتحرير رقبة ) فاستدل الشافعي فيها بأن لسان العرب وعرف خطابهم يقتضي حمل المطلق على المقيد إذا كان من جنسه فحمل عرف الشرع على مقتضى لسانهم وقد قيد الله تعالى كفارة القتل بالإيمان والمطلق كفارة الظهار فوجب أن يحمل مطلقها على ما قيد من كفارة القتل كما قيد الشهادة بالعدالة كقوله : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم ) وأطلقها في قوله واستشهدوا شاهدين من رجالكم فحمل منه المطلق على المقيد في اشتراط العدالة كذلك الكفارة فذهب أكثر أصحاب الشافعي إلى موافقته في حمل المطلق على المقيد بعرف اللسان إذا جمع شرطين أحدهما أن يكون الحكم في الموضعين واحداً وإن كان مختلفا لم يحمل .
والثاني : أن لا يكون للمطلق إلا أصل واحد فإن كان من أصلين مختلفين لم يجز إطلاقه على أحدهما بعرف اللسان إلا بدليل لم يوجب حمله عليه . فإن قيل : هذا أصل فاسد وطريقة غير مستمر من ثلاثة أوجه :
أحدهما : أن الله تعالى ذكر الإطعام في كفارة الظهار ولم يذكره في كفارة القتل وأطلقه فلم يحمل هذا المطلق على ذلك المقيد في دخول الإطعام في كفارة القتل كما دخل في كفارة الظهار .
الثاني : أنه شرط التتابع في صيام الظهار وأطلقه في صيام الكفارة ثم لم يحملوا إطلاقه على ذلك المقيد في استحقاق التتابع .
والثالث : أن الله تعالى أوجب في الوضوء غسل أربعة أعضاء واقتصر في التيمم منها على عضوين وقد أجمع المسلمون على أن إطلاق التيمم لا يحمل على تقييد الوضوء فيستحق فيهما تطهير الأعضاء الأربعة .