الإمساك والوطء والظهار حرمهما فالعود هو الرجوع إلى إباحتها فصار متراخياً عن الأول .
وأما الخبر : فقد مضى الجواب عنه . . وأما الجواب عن قوله : أنه بالظهار هو عازم على تحريم الوطء وهو أنه بالظهار محرم وليس بعازم على التحريم .
( فصل : )
وأما الحسن وطاوس والزهري فاستدلوا على أن العود الوطء بأن سلمة بن صخر وطئ بعد ظهاره فأمره رسول الله ( ص ) بالكفارة فاقتضى أن يكون ذكر السبب شرطاً في وجوب التكفير ، لما روي أن ماعزاً زنا فرجم وسرق سارق رداء صفوان فقطع ، ولأن الظهار والإيلاء تشابها في الجاهلية في كونهما طلاقاً وفي الإسلام في إيجابهما الكفارة ثم ثبت أن الكفارة في الإيلاء تجب بالوطء فكذلك في الظهار ، ولأنه بالظهار محرم لوطئها فاقتضى أن يكون العود فيه مخالفته بوطئها . والدليل عليه قوله تعالى : ( فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) فأوجب الكفارة قبل المسيس فلم يجز أن يكون وجوبها معلقاً بالمسيس ولأن النبي ( ص ) أمر أوساً بالكفارة قبل وطئه ولا يجوز أن يأمره بالتزامها قبل وجوبها ، ولأنه أمسكها زوجة بعد الظهار مدة يقصر فيها على الطلاق فوجب أن تلزمه الكفارة كالوطء ولأن ما ذكرناه في العود من كونه إمساكاً عن الطلاق أعم الأقوال لأنه يقتضي وجوب الكفارة به وبإعادة القول وبالعزم على الوطء وبالوطء فكان أولى كالعلل يكون الأعم منها أولى من الأخص .
وأما الجواب عن أمره سلمة بن صخر بالكفارة بعد وطئه وهو أن الوطء تال للسبب المنقول وهو الظهار فاحتمل أن يكون الحكم بالتكفير عائداً إليهما ، واحتمل أن يكون عائدا ًإلى الأول منهما ، فلما أمر أوساً بالكفارة قبل وطئه دل على تعلق وجوبها بما تقدم وطئه من ظهاره وإمساكه .
وأما الجواب عن التشبيه بالإيلاء فالنص الوارد فيهما يمنع من الجمع بينهما لأنه مأمور بالكفارة في الظهار قبل الوطء والإيلاء بعده فلم يجز الجمع بينهما لأنه مأمور بالكفارة في الظهار .
وأما الجواب عن قولهم إن مخالفة التحريم تكون بالوطء وهو ما قدمناه من أن المخالفة تكون بالإمساك .
( فصل : )
وأما أبو حنيفة فاستدل على أن كفارة الظهار لا تجب في الذمة بقوله تعالى : ( فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) فاعتبر في الأمر بها الإصابة ، فاقتضى أن لا تجب قبلها ثم قدمها على الإصابة فاقتضى أن لا تجب بها ، لأن الوجوب المتعلق بسبب لا يجوز أن يكون قبل وجود السبب ، واقتضى أن لا تجب بعد الإصابة لأنه أمر بالتكفير قبلها فامتنع بهذا التنزيل أن يثبت في الذمة .