پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص445

وأما الجواب عن قوله : العود فعل المنهى عنه ، فهو أن ذلك غير مسلم بل هو الرجوع ، والمنهي عنه هو تحريم الظهار ، والرجوع فيه أن يحرمها بالطلاق فكان في هذا دليل على ما قلنا .

وأما الجواب عن استدلالهم بالطلاق : فهو أن الطلاق مطلق والظهار مقيد ولو جاز حمل أحدهما على الآخر كان حمل المطلق على المقيد أولى من حمل المقيد على المطلق وإذا لم يجز هذا كان حمل كل واحد منهما على موجبه أولى .

( فصل : )

وأما داود فاستدل على أن العود إعادة الظهار ثانية بعد أولى بقول الله تعالى ( ثم يعودون لما قالوا ) فتجئ منه ثلاثة أوجه :

أحدهما : أن العود إلى الشيء هو فعل مثله كما قال تعالى ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ) [ الأنعام : 28 ] يعني إلى مثل ما نهوا عنه من الشرك فاقتضى أن يكون عود الظهار إعادة مثله .

والثاني : قال ( لما قالوا ) فاقتضى أن يكون العود قولاً لا إمساكاً كما قلتم ولا فعلاً كما قاله غيركم .

وأما الثالث : فإنه لو أراد العود إلى غير القول لقال ( ثم يعودون ) كما قال النبي ( ص ) ( العائد في هبته كالعائد في قيئه ) فلما قال ( لما قالوا ) دل على أنه إعادة القول ، كما قال سبحانه ( الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ) [ المجادلة : 8 ] يعني من قول النجوى .

والدليل عليه قوله تعالى : ( يعودون لما قالوا ) فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن حقيقة العود في الأفعال دون الأقوال يقال : عاد يعود عوداً في الفعل ، وأعاد يعيد إعادة في القول ، فلو أراد إعادة القول لقال ( ثم يعيدون لما قالوا ) .

والثاني : إن إعادة القول محال كإعادة أمس لأنه لا يتهيأ اجتماع زمانين ولا بد فيه من إضمار ، فداود يضمر مثل ما قالوا في التحريم بالقول ونحن نضمر بعض ما قالوه من التحريم بالإمساك ، وما قلناه من الإضمار أولى لأن العود في الشيء هو الرجوع عنه دون المقام عليه كما قال ( ص ) ( العائد في هبته كالعائد في قيئه ) .

والثالث : أن العود هو مفارقة الحال التي هو فيها إلى حال كان عليها كما قال الله تعالى ( وإن عدتم عدنا ) [ الإسراء : 8 ] .

وكما قال الشاعر :

( . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإن عاد للإحسان فالعود أحمد )