الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص425
أسئلته : لأن الشافعي قد أثبت ردته في حال سكره وإن منع من استتابته في سكره فصار مؤاخذاً بالردة فوجب أن يكون مؤاخذاً بالطلاق ، فأما استتابته ففي تأخيرها إلى صحوه قد اختلف أصحابنا فيها على وجهين :
أحدهما : أن تأخيرها استحباب واحتياط ولو استتابه في سكره صح ، وهذا قول من أجرى عليه حكم الصاحي فيما له وعليه .
والوجه الثاني : أن تأخيرها إلى أناقته واجب وهذا قول من فرق بين ما له وما عليه لأن الردة عليه فكان مأخوذاً بها والتوبة له فلم تصح منه لأن المقصود بالتوبة زوال الشبهة ووضوح الحق والسكران يعارضه الشبه ويخفي عليه الحق فلذلك ردته ولم تصح توبته معها والله أعلم .
قال الماوردي : إذا تظاهر من امرأته ولزمته الكفارة بعودة ومنع من إصابتها إلا بتكفيره فأخر الكفارة حتى مضت أربعة أشهر لم يصر مولياً ولم يجر عليه حكم الإيلاء سواء قصد الإضرار بها أو لم يقصد . وقال مالك : إن قصد الإضرار بها من غير ظهار صار مولياً ، وكذلك لو ترك إصابتها أربعة أشهر قصد الإضرار بها من غير ظهار صار مولياً استدلالاً بأن المولى قاصد للإضرار بها بالامتناع من إصابتها فكذلك كل زوج قصد الإضرار بالامتناع ، وهذا خطأ لأن الإيلاء يمين فلم يثبت حكمها بقصد الإضرار كسائر الأيمان ، ولأنه لو كان مولياً بقصد الإضرار لكان مولياً وإن لم يقصده كالحالف ، ولأن الظهار والإيلاء متنافيان في الحكم لأن الظهار يمنع من الوطء حتى يكفر وإن وطئ كان عاصياً ، والإيلاء يوجب الوطء قبل أن يكفر وإن وطئ كان طائعاً فلم يجز مع تنافي حكمهما أن يتداخلا ولو جاز أن يتداخلا فيصير المتظاهر مولياً لجاز أن يصير المولى متظاهراً وفي فساد هذا العكس دليل على فساد هذا الطرد .
فأما قوله : إن الإيلاء قصد للإضرار فغير صحيح لأن المولى لا يقدر على الإصابة بعد الوقف إلا بأن يلتزم ما ليس بلازم ومن أخر الوطء في الظهار فليس يلتزم إن وطئ ما ليس بلازم فلم يكن مولياً .