پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص424

يستحق التغليظ والنائم ليس بعاص وغير مستحق للتغليظ ، وإما لأنه متهم بإظهار سكره كذباً والنائم غير متهم .

والثاني : أن قال إن كان النائم لا يقع طلاقه لأنه لا يعقل فالسكران لا يعقل .

والجواب عنه : أنه ليس حد السكر عندنا أنه لا يعقل فيصير ملحقا بالنائم وقد حده الشافعي رضي الله عنه فقال : السكران من عزب عنه بعض عقله فكان مرة يعقل ومرة لا يعقل .

وقال أبو حنيفة : السكران من لا يعرف الليل من النهار والسماء من الأرض وهذا بعيد أن يوجد في السكر .

وقال الأوزاعي : هو من لا يميز رداءه من أردية الحي .

قال آخرون : هو من يخلط في كلامه ، وإذا كانت المذاهب مختلفة في حد السكران وكان المزني مخالفاً فيها لم يكن خلافه حجة له وإن سلم الحد الذي ذكرناه بأن به الفرق بينه وبين النائم .

والثالث : أن استدل بقول الله تعالى : ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) [ النساء : 43 ] فلم يكن [ له ] صلاة حتى يعلمها ويريدها كذلك لا طلاق له ولا ظهار حتى يعلمه ويريده . وعنه جوابان أحدهما : فساد الاستدلال بها لأنه جعل وقوع الطلاق معتبراً بصحة الصلاة والشرط فيهما [ مختلف ] فلم يجز أن يكون أحدهما معتبراً بالآخر لأن الصلاة لا تصح إلا بكمال جميع العقل والتمييز والطلاق لا يسقط إلا بزوال جميع العقل والتمييز ، والسكران خارج ممن كمل ( جميع ) عقله وتمييزه فلذلك لم تصح صلاته وخارج ممن زال جميع عقله وتمييزه فلذلك وقع طلاقه .

والجواب الثاني : أننا نجعلها دليلا عليه في وقوع طلاقه لأنه خاطبه بالصلاة أمراً بها إذا علم ونهياً عنها إذا جعل عنها والخطاب على وجهين : خطاب مواجهة مختص بالعقل وخطاب إلزام يدخل فيه جميع الأصاغر والمجانين ، ولا يخلو هذا الخطاب من أحد أمرين : إما أن يكون في حال السكر فهو مواجهة وإما في غير حال السكر فهو إلزام وعلى أيهما كان لم يخرج منه لسكره .

( فصل : )

والسؤال الرابع : قال المزني : وقال الشافعي : إذا ارتد السكران لم نستتبه في سكره ولم نقتله فيه .

قال المزني : وفي ذلك دليل أن لا حكم لقوله لأنه لا يعقل ما يقول فكذلك هو في الطلاق والظهار لا يعقل ما يقول وهو أحد قوليه في الظهار . وهذا من أوهى