الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص421
إبطال طلاقه وظهاره تخفيف عليه وإبطال ذلك تغليظ عليه كما أن إيقاع طلاقه وظهاره تغليظ عليه .
وقسم ثالث : يكون له وعليه وهو عقود بياعاته وإجاراته ومناكحه فإن كان مطلوباً بها كان تصحيحها منه تغليظاً عليه فصحت منه وإن كان مطالباً بها كان تصحيحها منه تخفيفاً عليه فأبطلت عليه . قال أبو حامد المروروزي كنت أذهب إلى هذا حتى وجدت للشافعي في كتاب الرجعة أن رجعته صحيحة .
والوجه الثالث : أن العلة فيه وجود التهمة تكفيه فيما أظهر من سكره فعلى هذا يصح جميع ذلك منه في ظاهر الحكم فيما له وعليه ويكون في الباطن مذنباً فيما بينه وبين الله تعالى فعلى هذا إن تيقن أنه لم يعلم بما تلفظ به من طلاقه وظهاره وعتقه جاز له فيما بينه وبين الله تعالى وطء زوجته إذا قدر عليها وبيع عبده إذا أمكنه ولو جاز أن يخبرنا الصادق بصحة سكره لما لزمه ذلك في الظاهر كما لا يلزمه في الباطن .
أحدهما : علة جواز الطلاق عنده إرادة المطلق ولا طلاق عنده على مكره لارتفاع إرادته والسكران الذي لا يعقل معنى ما يقول لا إرادة له كالنائم فلم يصح طلاقه . وعن هذا ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن علة طلاقه ما قدمناه على اختلاف أصحابنا فكان ما ادعاه ممنوعاً .
والجواب الثاني : أن ما ادعاه من أن علة الطلاق إرادة المطلق خطأ فاسد لأن إرادة المطلق غير معتبرة في الصاحي باتفاق ولو طلق غير مريد وقع طلاقه فلم يجز أن تكون الإرادة علة لوقوع الطلاق ، وإنما لم يوقع طلاق المكره والنائم والمجنون لأن معهم علماً ظاهراً هم يعذرون فيه يدل على خروجهم من أهل الإرادة وليس مع السكران علم ظاهر هو معذور فيه يدل على خروجه من أهل الإرادة .
والجواب الثالث : أن إرادة المطلق جعلها علة لإثبات الطلاق فلا يجوز أن تصير علة لإسقاطه ؛ لأن علة الإثبات ضد علة الإسقاط ، وجمعه بين السكران والنائم لا يصح من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن النوم طبع في الخلقة لا يقدر على دفعة عن نفسه وليس كذلك السكر .
والثاني : أن العلم بالنوم مرفوع وليس كذلك السكر .