الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص414
طلاقه صح ظهاره كالمسلم ؛ ولأن ما صح من المسلم في زوجته صح من الكافر كالطلاق ، ولأن الأحكام المختصة بالنكاح خمسة : الطلاق والظهار والإيلاء والعدة والنسب فلما تساوى المسلم والكافر في سائرها وجب أن يساويه في الظهار . . فأما الجواب عن قوله تعالى : ( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ) فمن وجهين :
أحدهما : ما قدمناه من أنها واردة في التحريم وهو يخص المسلم والتي بعدها في الحكم وهو يعم المسلم والكافر .
والثاني : أنها وإن خصت المسلم نطقاً فقد عمت المسلم والكافر حكماً إما تنبيهاً وإما قياساً كما قال : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) [ الأحزاب : 49 ] فكان الكافر كذلك . وأما قوله ( وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً وإن الله لعفو غفور ) . فهذا القول بالكافر أخص وليس إذا قال بالكفر منكراً وزوراً لم يقل بالظهار منكرا وزوراً . فإن قيل : فما يقوله بالكفر من المنكر والزور أعظم ثم لا يلزم به الكفارة فبأن لا يلزمه بالظهار أولى قيل : إذا لم تجب الكفارة بأغلظ المنكرين لم تجب بأخفهما ، ألا ترى أن ردة المسلم إذا تاب منها أعظم من ظهاره ولا يدل سقوط الكفارة عنه في ردته على سقوطها عنه في ظهاره . وأما قوله ( وإن الله لعفو غفور ) ففيه جوابان :
أحدهما : عفو عن الكفارة بقبولها إذا أديت
والثاني : عفو إن أسلم . وأما قولكم : إنه لا يصح منه الكفارة لأنها عتق مسلم عندكم وهو لا يملك مسلماً فهم يقولون إنه يجزئ عتق كافر وهو يملك كافراً ، على أنه قد يصح منه عتق مسلم إذا ورث عبداً مسلماً وإما بأن يكون العبد كافراً في يده فيسلم في ملكه ، وإما بأن يقول للمسلم أعتق عني عبدك هذا المسلم فيجزئ ، وقولهم : لا يصح منه الصوم فيها لأنه قربة وليس إذا لم يصح منه الصوم في الكفارة لم تجب عليه الكفارة كالمرتد والكفارة في القتل . وقياسهم على الصلاة والصيام : فالمعنى في الأصل أنها عبادة محضة وفي الكفارة مع التعبد حق لآدمي .
وقولهم : ( إنها تغطية للذنب وتكفير للمأثم ) فهي كذلك في حق المسلم وعقوبة في حق الكافر ألا ترى إلى قول النبي ( ص ) ( الحدود كفارات لأهلها ) . فكانت كذلك في حق المسلم وعقوبة في حق الكافر .
وأما الجواب عن بناء الظهار على التكفير فمن وجهين :
أحدهما : انتفاضه بالمرتد يصح منه الظهار ولا يصح منه التكفير . إذا لم يعد فيه فلم يعتبر به لجواز خلوه عنه على أن التكفير يصح منه بغير الصوم وأما قياسهم