پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص413

وقال أبو حنيفة : لا يصح ظهار الكافر استدلالاً بقوله تعالى : ( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ) [ المجادلة : 2 ] وليس الكافر منا فخرج من حكم الظهار والعبد وإن كان مسلماً فهو غير داخل فيما قصد به التميز والتشريف ، ثم قال : ( وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً ) [ المجادلة : 2 ] فجعله بالظهار قائلاً منكراً وزوراً والكافر قائل بالشرك وجحد النبوة وهو أعظم وأغلظ ثم قال ( وإن الله لعفو غفور ) [ المجادلة : 2 ] والكافر لا يتوجه مثل هذا الخطاب إليه ثم أمر المظاهر بالكفارة وهي عتق رقبة وهي لا تصح من العبد لأنه عندكم لا يملك ولا من الكافر لأن الرقبة التي يعتقها يجب أن تكون مؤمنة والكافر لا يملك عبداً مسلماً ثم قال ( فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ) [ المجادلة : 4 ] والصوم لا يصح من الكافر فدلت هاتان الآيتان على خروج العبد منها عند مالك وعلى خروج الكافر منها عند أبي حنيفة ثم بنى أبو حنيفة ذلك على أن التكفير لا يصح منه فلا يصح الظهار . واستدل على أن التكفير لا يصح منه مع ما تقدم ذكره من الآية بأنها عبادة تفتقر إلى النية فلم تصح من الكافر كالزكاة ، ولأن التكفير تغطية للذنب وإسقاط للمأثم وهذا لا يصح من الكافر .

واستدل على هذا : بأن من لم يصح منه التكفير لم يصح منه الظهار كالمجنون .

دليلنا : قول الله تعالى : ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) [ المجادلة : 3 ] ومن الآية دليلان :

أحدهما : عمومها المنطلق على المسلم والكافر .

والثاني : قوله تعالى : ( ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ) [ المجادلة : 4 ] وتوجه ذلك إلى الكافر في ابتداء الإيمان أخص من توجهه إلى المسلم في استدامة الإيمان فكان أسوأ الأحوال أن يكونا فيها سواء ، فإن قالوا : هذه الآية وإن جاز أن تكون عامة في المسلم والكافر فالآية التي قبلها في المسلم دون الكافر ومن مذهبكم حمل المطلق على المقيد فلزمكم أن تحملوا عموم الثانية على خصوص الأولى . قيل : إنما يحمل المطلق على المقيد إن سلمنا أن الأولى خاصة إذا كان الحكم فيهما واحداً فأما في الحكمين المختلفين فلا يحمل المطلق على المقيد والحكم في الاثنين مختلف لأن الآية الأولى في تحريم الظهار والآية الثانية في حكم الظهار فإن قالوا : فالثانية عطف على الأولى وحكم العطف حكم المعطوف عليه قلنا : هذا فيما لا يستقل بنفسه فإن استقل لم يشارك المعطوف عليه في حكمه . ألا تراه لو قال : اضرب زيداً وعمراً كان عمراً معطوفاً على زيد في الضرب لأن ذكر زيد غير مستقل ، ولو قال : اضرب زيداً وأكرم عمراً لم يصر عطفاً عليه في الحكم لاستقلاله وإن كان عطفاً عليه في الذكر . ولأن الظهار طلاق نقل إلى غيره فصح من المسلم والكافر كالإيلاء ، ولأن من صح