پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص395

قال الماوردي : إذا كانت الموانع من جهة الزوج فزمان جميعها محسوب عليه من مدة التربص إلا اثنتين : زمان ردته وزمان عدتها من طلاقه فإنهما غير محسوبتين عليه وإن كان من جهته لأنهما موجبان من التحريم في حقها مثل ما يوجبانه في حقه وليس كإحرام وصيام لأنه لا يوجب التحريم في حقها ، وإنما يوجبه في حقه دونها فافترقا ، وإذ كان كذلك لم يخل حال هذه الموانع المحسوبة من أن توجد في الوقت الأول وهو مدة التربص أو في الوقت الثاني وهو زمان المطالبة ، فإن وجدت في الأول كانت محسوبة عليه فيحسب عليه زمان إحرام وزمان صيام وزمان مرض وزمان سفر سواء سافر في مباح أو في واجب وزمان حبسه سواء حبس بحق أو بغير حق ، قال المزني : وقال في موضع آخر : ولو آلى فحبس استؤنفت له أربعة أشهر ، فلم يحتسب بزمان الحبس عليه فكان أبو حفص بن الوكيل يخرج هذا قولاً ثانياً في الحبس كما توهمه المزني أنه لا يحتسب بزمان عليه ؛ لأنه غير منسوب إليه ، وهذا التعليل فاسد بالمرض لأنه ليس من فعله وزمانه محسوب عليه لوجوده في حبسه . وذهب جمهور أصحابنا إلى أن هذا ليس بقول ثان وأن مذهب الشافعي لم يختلف في أن زمان الحبس محسوب عليه ، لما علل به المزني في أن زمان المرض لما كان محسوباً عليه وحاله فيه أغلظ ، كان زمان حبسه وهو يقدر على أن تأتيه في الحبس فيصيبها أولى بالاحتساب ، ونسبوا المزني إلى الخطأ في نقله ؛ لأن الشافعي قال فلو آلى فحبست استؤنفت له أربعة أشهر لأن الحبس من جهتها فوهم المزني في نقله ، ولو آلى فحبس فأضاف الحبس إليه دونها .

وقال بعض أصحابنا : المزني مصيب في نقله ، وليس ذلك باختلاف قولين كما وهم فيه بعض أصحابنا وإنما هو على اختلاف حالين ، ففي الموضع الذي احتسب زمان حبسه عليه إذا حبس بحق ، والموضع الذي لم يحتسب بزمان حبسه عليه إذا حبس بظالم وهذا التفصيل يبطل بالمرض كما يبطل به أصل التعليل والله أعلم .

( فصل : )

وإن وجدت هذه الموانع في الوقت الثاني وهو زمان المطالبة لم يسقط بها حكم المطالبة بالفيئة ، لأنه لما وقع الاحتساب بها كانت زماناً للفيئة فلم تمنع من المطالبة بها وإذا كان كذلك فإن كان المانع مرضاً فإن قدر معه على تغييب الحشفة من غير ضرر طولب أن يفيء بالجماع وإن عجز عن تغييب الحشفة طولب أن يفيء بلسانه فيء معذور على ما مضى ، وإن كان المانع حبساً فإن قدر على إدخالها إلى حبسه طولب أن يفيء بالجماع ، وإن لم يقدر على إدخالها إلى حبسه طولب أن يفيء بلسانه فيء معذور ما كان في حبسه ، وإن كان المانع إحراماً أو صياماً ، قيل لا يسقط فيئة الجماع لقدرتك عليه ، ولا يؤمر به لتحريمه عليك ، ولا يقنع منك أن تفيء بلسانك فيء معذور لأنك قادر على فيء غير معذور ، فإن أقدمت على الفيئة بالجماع خرجت من