الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص386
قال الماوردي : قد ذكرنا أنه لا مطالبة على المولى قبل انقضاء مدة الإيلاء وهي تربص أربعة أشهر ، فإذا انقضت كان الخيار إليها في مطالبته وتركه فإن طالبت كان الزوج مخيراً بين الفيئة أو الطلاق كما قال تعالى ( فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ) [ البقرة : 226 ] فأيهما فعل لم يكن للزوجة مطالبته بالآخر فإن طلق فلم يكن لها مطالبته بالفيئة ، وإن فاء لم يكن لها مطالبته بالطلاق .
وأما الفيئة فهي الجماع لأن الفيء في اللغة الرجوع إلى ما فارق ، قال الله تعالى ( حتى تفيء إلى أمر الله ) [ الحجرات : 9 ] أي ترجع إلى طاعة الله ، وهو بالإيلاء ممتنع من الجماع فكانت الفيئة الرجوع إليه ، وإذا كانت الفيئة الرجوع إلى الجماع فلا يخلو حاله من أن يكون قادراً عليه أو عاجزاً عنه فإن كان قادراً عليه لم يكن فايئاً إلا بجماع ، وأقله ما ذكرناه من التقاء الختانين ، وإن كان عاجزاً عنه لعذر من مرض أو غيره لزمه أن يفيء فيء معذور بلسانه ، وهو أن يقول لست أقدر على الوطء ولو قدرت عليه لفعلته ، وإذا قدرت عليه فعلته فيقوم فيئه بلسانه في حال عذره في إسقاط المطالبة مقام فيئته بوطئه .
وقال أبو ثور : لا يلزمه الفيئة باللسان حتى يقدر عليها بالوطء ، ويؤخر المطالبة إلى زوال العذر استدلالاً بأمرين :
أحدهما : أنه لو لزمه في حال العذر أن يفيء بلسانه لما لزمه الفيئة بالوطء بعد زوال عذره لسقوط الحق بما تقدم .