الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص378
قال الماوردي : قد مضى الكلام في شروط الإيلاء ، فأما أحكامه فهي أن ينتظر به مدة التربص التي جعلها الله له ، وهي أربعة أشهر لا مطالبة عليه فيها بشيء ؛ لأن الله تعالى انظره بها فصار كالإنظار بآجال الديون لا يجوز المطالبة بها قبل انقضائها ، وأول وقت التربص من وقت الإيلاء ، لا من وقت المحاكمة ، بخلاف أجل العنة الذي يكون أوله من وقت المحاكمة ، والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن مدة الإيلاء مقدرة بالنص فلم تفتقر إلى حكم ، ومدة العنة مقدرة بالاجتهاد ، فافتقرت إلى حكم .
والثاني : أن الإيلاء يقين فكان أول مدته من وقت وجوده ، والعنة مظنونة فكان أول مدتها من وقت التحاكم فيها ، فإذا انقضت مدة التربص بمضي أربعة أشهر استحقت الزوجة المطالبة ، إلا أنه لا اعتراض عليها فيه لأنه حق لها من حقوقها المحضة فوقف على خيارها ، فإن طالبت ومطالبتها إما أن تقول بين أمري ، وإما أن تقول أخرج إلي من حقي ، فإذا طالبت بأحد هذين الأمرين قيل للزوج قد خيرك الله تعالى بين أمرين : إما الفيئة أو الطلاق ، ويجوز أن يقول له ذلك حاكم وغير حاكم لأن هذا الحكم مأخوذ من النص ، فلم يفتقر إلى حكم إلا أن الذي يجبر عليه هو الحاكم ؛ لأنه هو الذي يجبر على تأدية الحقوق ، فإن فاء فحكم الفيئة ما مضى ، وإن طلق فحكم الطلاق ما مضى ، وإن أبى أن يفعل أحدهما فعلى قولين مضيا :
أحدهما : يحبس حتى يفيء أو يطلق .
والثاني : يطلق عليه الحاكم .