پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص370

وإن أراد به مدة رضاع الحولين نظر في الباقي منها فإن كان أكثر من أربعة أشهر كان مولياً ، وإن كان أقل لم يكن مولياً ، ومن أصحابنا من جعل هذا من القسم الرابع الذي يختلف باختلاف حاله لا باختلاف إرادته فقال إن كان الولد طفلاً لا يجوز قطع رضاعه قبل أربعة أشهر كان به مولياً ، وإن كان مشداً يجوز قطع رضاعه قبل أربعة أشهر لم يكن به مولياً ، والأول أصح وهو قول ابن سريج والأكثر من أصحابنا ، لأن قطعها لرضاعه ممكن وإن منع منه الشرع ، والإيلاء متعلق بإمكان الفعل لا بجوازه في الشرع ، وعلى هذا الاختلاف لو علق بما يمكن فعله لكن يمنع الشرع منه كقوله : والله لا أصبتك حتى تقتلي أخاك لم يكن مولياً على معنى قول أبي العباس ؛ لأنها تقدر على قتله في الحال ، وكان مولياً على قول من خالفه ؛ لأن الشرع منعها من قتله ، ومن هذا القسم أن يقول : والله لا أصبتك حتى تخرجي إلى الحج فإن أراد به زمان الخروج المعهود كان به مولياً إذا بقي إليه أكثر من أربعة أشهر ، وإن أراد به فعلها للخروج لم يكن به مولياً لأنه يمكنها الخروج قبل المدة .

والقسم السادس : ما يختلف باختلاف زمانه كقوله : والله لا أصبتك حتى يسقط البلح أو يجمد الماء ، فإن كان هذا في الشتاء وزمان البرد لم يكن به مولياً لإمكانه في الحال ، وإن كان في الصيف وزمان الحر نظر فإن كان في آخره والباقي في الشتاء أقل من أربعة أشهر لم يكن مولياً ، وإن كان في أوله والباقي منه إلى الشتاء أكثر من أربعة اشهر كان مولياً ، ولو قال والله لا أصبتك حتى يجيء المطر فمن أصحابنا من جعله في أول الصيف كالثلج يكون به مولياً لتعزره في الأغلب ، ومن أصحابنا من قال لا يكون به مولياً ، وفرق بينه وبين الثلج ، بأن المطر قد يجيء في الصيف والثلج لا يكون في الصيف ، فأما البلاد التي يعهد فيها المطر صيفاً وشتاءاً كبلاد طبرستان فلا يكون به مولياً لا يختلف أصحابنا فيه .

والقسم السابع : ما لا يكون مولياً لتكافؤ أحواله ، كقوله والله لا أصبتك حتى يبرأ هذا المريض أو حتى يمرض هذا الصحيح أو حتى تتعلمي الكتابة أو حتى يطلق فلان زوجته أو حتى يعتق عبده ، فلا يكون بذلك مولياً لإمكان حدوثه وتقدمه على مدة التربص كإمكان تأخره عنه ، وهكذا لو قال لا أصبتك حتى تلبسي هذا الثوب أو تدخلي هذه الدار أو حتى أخرجك من هذا البلد لم يكن مولياً ، لإمكان فعل ذلك في الحال ولا يلزمه إخراجها من البلد ليبر في يمينه إن وطء ، لأنه إذا لم يصر مولياً لم يلزمه وطؤها ولم يطالب بفيئة ولا طلاق .

والقسم الثامن : ما لا يكون به مولياً لكونه قبل أربعة أشهر كقوله والله لا أصبتك حتى تذبل هذه البقلة أو حتى يختمر هذا العجين أو حتى يحمض هذا العصير أو حتى ينضج هذا القدر فلا يكون بذلك مولياً لوجود هذا كله في أكثر من مدة الإيلاء .