پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص362

رقبة قيمتها مائة دينار ، ورقة قيمتها دينار وكلاهما يجزيان في الكفارة ، فلذلك تعين ما وجب منه بالنذر لتفاضله .

والفرق الثاني : وهو أصح أن الصوم من حقوق الله سبحانه المحضة التي لا تتعلق بحق آدمي ، فاستوى في حق الله جميع أيام الله ألا تراه لو نذر صوم يوم الخميس ففاته صومه بعذر أو بغير عذر قضاه في غيره ، ولو عجله قبل الخميس لم يجزه لتقديمه على وجوبه وليس كذلك تعين العتق لأن فيه حق الآدمي لا يجوز إسقاطه ، ألا تراه لو نذر عتق عبد بعينه فمات لم يلزمه عتق غيره ولو نذر عتقه بعد ثلاثة أيام جازم تعجيل عتقه ، فلهذين الفرقين ما تعين العتق الواجب بالنذر ، ولم يتعين الصوم الواجب بالنذر ، واستوى تعين العتق في الابتداء والانتهاء ، وافترق تعيين الصوم في الابتداء والانتهاء فعلى هذا يكون موليا بتعيين العتق الواجب ولا يكون مولياً بتعيين الصوم الواجب ، فأما ما نقله المزني عن الشافعي أنه لا يكون مولياً بتعيين العتق الواجب في هذه المسألة وقد كان أبو علي بن أبي هريرة يقول : إنما نقل ذلك على مذهبه في القديم أنه لا يكون مولياً إلا في اليمين بالله تعالى ، فأما مذهبه في الجديد أنه يكون مولياً بكل يمين ، فإنه يكون مولياً ، فلم يكن من المزني خطأ في النقل ، وإن كان مخالفاً للشافعي في المذهب ، وذهب سائر أصحابنا إلى أنه أخطأ على الشافعي في النقل ، كما خالفه في المذهب ، لأن الشافعي نص على هذه المسألة في كتاب الأم والإملاء ، وهما من الجديد لا من القديم ، ولم يختلف مذهبه في الجديد بأنه يكون مولياً بكل يمين تلزم سواء كانت بالله تعالى أو بغيره من عتق أو طلاق أو غيره .

( فصل : )

فإذا تقرر ما وصفنا من إيلائه بتعيين العتق الواجب عن ظهاره ، وجب أن يوقف أربعة أشهر ، فإذا طولب بالفيئة أو الطلاق فإن فاء ووطئ فقد لزمه النذر ، والنذر ضربان : نذر طاعة يقصد به القربة ، ونذر لجاج خرج مخرج اليمين ، فأما نذر الطاعة المقصود به القربى فكقوله إن شفى الله مريضي فلله علي عتق عبدي هذا فإذا شفى الله مريضه لزمه عتق عبده ، ولم يكن مخيراً بينه وبين غيره ، وأما نذر اللجاج الخارج مخرج الأيمان فهو ما قصد به منع نفسه من شيء أو إلزام نفسه فعل شيء كقوله : إن كلمت زيداً فلله علي عتق عبدي هذا أو إن لم أدخل الدار فلله علي عتق رقبة ، فإذا كلم زيداً أو لم يدخل الدار وجب النذر وكان مخيراً فيه بين التزام ما نذره من العتق اعتباراً بالنذور وبين كفارة يمين اعتباراً بالأيمان ، ونذره في هذا الموضع نذر لجاج خرج مخرج اليمين فكان فيه مخيراً بين عتق عبده الذي عينه وبين العدول عنه إلى كفارة يمين ، فإن عدل إلى الكفارة سقط بها حكم إيلاؤه وكان مخيراً في العتق عن ظاهره بين عتق ذلك العبد وبين عتق غيره كحاله قبل نذره ؛ لأن النذر قد خرج منه بالتكفير فإن أعتق ذلك العبد عن ظهاره أجزأه وجهاً واحداً ؛ لأنه عتق اختص بظهاره