الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص358
بما تقدمها ، وإن كان مأخوذاً بنفقتها ومحكوم له بزوجيتها لأنها محرمة عليه وجارية في الفسخ ، فإذا مضت مدة الوقف الثاني بانقضاء أربعة أشهر ثانية طولب بعدها بالفيئة أو الطلاق فإن طلق ثانية أو امتنع فطلقها الحاكم عليه طلقة ثانية كانت الثانية رجعية كالأولى ، فإن راجعها استؤنف له وقف ثالث ، فإذا مضت مدته بانقضاء أربعة أشهر ثالثة طولب بعدها بالفيئة أو الطلاق ، فإن طلق بعدها ثالثة أو امتنع منها فطلقها الحاكم عليه طلقة ثالثة فلا رجعة له بعدها ؛ لأن الثلاث لا رجعة له فيها مجتمعة كانت أو متفرقة وقد سقط بها حكم الإيلاء في هذا النكاح ، فإن عاد بعد زوج ، فعلى قول الشافعي في الجديد كله وأحد قوليه في القديم لا يعود الإيلاء ، وإن كان حالفاً ، وعلى قوله الثاني في القديم : يعود الإيلاء ، ويستأنف له مدة الوقف يكون حكمه على مثل ما مضى في النكاح إلا أن يفيء فيسقط بكل حال الحنث فيه فارتفع وليس في الطلاق حنث فلم يرتفع فإن قيل فالله تعالى جعل مدة التربص أربعة أشهر فلم جعلتموها أضعافاً ، قيل إنما قدرها بالأربعة في التربص الواحد فإذا وجب تكرار التربص وجب تكرار المدة والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا قال لزوجته أنت علي حرام فإن نوى به الطلاق كان طلاقا وإن نوى به الظهار كان ظهاراً ، وإن نوى به الإيلاء لم يكن مولياً ، فيكون كناية في الطلاق والظهار ، ولا يكون كناية في الإيلاء ، لأن المولى ما لم يقدر على الإصابة فيه بعد مدة التربص إلا بالتزام ما لم يكن لازماً قبل الإصابة وقوله أنت علي حرام إن نوى به اليمين في تحريم الإصابة لزمت به الكفارة في الحال من غير إصابة ، وإن أطلقه كان على قولين :
أحدهما : تجب به الكفارة في الحال .
والثاني : لا تجب في الحال ولا بالإصابة به في ثاني حال ، فصار بهذا القول قادراً على الإصابة بعد مدة التربص من غير التزام كفارة ، لأن الكفارة إن وجبت في اللفظ دون الإصابة ، وإن لم تجب فلا باللفظ ولا بالإصابة ، فلم يتعلق بالإصابة في الأحوال كفارة ، فلذلك لم يكن مولياً .