الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص357
قلنا : لا يجوز والفرق بينهما أن الطلاق مجتهد فيه فكان الحاكم أحق به ، وقضاء الدين غير مجتهد فيه ، فكان مالكه أحق به – فعلى هذا إذا قيل أن الحاكم يطلق عليه فإنه يطلق عليه واحدة لا يتجاوزها ، لأن الله تعالى أطلق عزيمة الطلاق فاقتضى ما ينطلق عليه اسم الطلاق ، وهو ينطلق على الواحدة ، فلم يلزم الزيادة عليها .
وقال أبو ثور : هي طلقة بائنة لا يملك فيها الرجعة كما يجعل أبو حنيفة مضي المدة موقعاً لطلقة بائنة لا يملك فيها الرجعة ، استدلالاً بأمرين :
أحدهما : أن ما أوقعه الحاكم من الفرقة لا يملك فيها الرجعة كالفسخ بالعنة والعيوب والإعسار بالنفقة .
والثاني : أن القصد بالطلاق رفع الإضرار ، والطلاق الرجعي لا يرتفع به الإضرار ، لأنه قد يراجع بعده فيعود الإضرار ، فاقتضى أن يكون بائناً ليرتفع به الإضرار .
ودليلنا : قول الله تعالى : ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً ) [ البقرة : 228 ] فكان على عمومه ؛ ولأنه طلاق لم يستوف عدده فوجب إذا تجرد عن العوض بعد الإصابة أن يستحق فيه الرجعة كطلاق غير المولى ؛ ولأن استحقاق الرجعة في الطلاق كاستحقاق الولاء في العتق فلما استحق الولاء في واجب العتق وتطوعه ، وجب أن يستحق الرجعة في واجب الطلاق وتطوعه ، فأما الفسخ فلا يملك فيه الرجعة ، فلذلك وقع بائناً ، وليس كذلك الطلاق فأما رفع الإضرار فقد يرتفع بالطلاق الرجعي إلا أنه إن لم يراجع تعجل رفع الضرر ، وإن راجع تأخر رفع الضرر ، وهو في الحالين رافع للضرر .