الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص353
قال الماوردي : وهذا أيضاً مفرع على قوله في الجديد ، فإذا قال لها : إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا كان مولياً ، لما يلزمه من طلاقها بالوطء ، فوجب أن يوقف مدة الإيلاء أربعة أشهر ويطالب بعدها بالفيئة أو الطلاق .
وقال أبو علي بن خيران لا يجوز أن يطالب بالفيئة ويؤخذ بالطلاق ، لأن الوطء محرم لأنها تطلق به ثلاثاً فيصير واطئاً لبائن منه ، وذلك محرم عليه ؛ لأنه إذا كان ما بعد الإيلاج محرماً كان الإيلاج محرماً كالصائم إذا تحقق بخبر نبي صادق أنه لم يبق إلى طلوع الفجر إلا قدر إيلاج الذكر دون إخراجه حرم عليه الإيلاج وإن كان في زمان الإباحة لتحريم ما بعد الإيلاج في زمان الحظر فيحرم الإيلاج وإن كان قبل الفجر لوجود الإخراج بعد الفجر ، كذلك حال هذا المولى يحرم عليه الإيلاج وإن كان قبل الطلاق لوجود الإخراج بعد الطلاق وذهب سائر أصحابنا إلى أن هذا المولى لا يحرم عليه الإيلاج لأنها زوجة ولا يحرم عليه الإخراج ، لأنه ترك ، وإن طلقت بالإيلاج ، ويكون المحرم بهذا الوطء استدامة الإيلاج لا الابتداء والإخراج ، وشاهد ذلك شيئان : مذهب ، وحجاج .
أما المذهب ، فقول الشافعي لو طلع الفجر على الصائم وهو مجامع وأخرجه مكانه كان على صومه ، فإن مكث بعد إخراجه أفطر وكفر ، فحرم الاستدامة ولم يحرم الإخراج لوجود الإيلاج في حال الإباحة ، وإن الإخراج ترك وإن كان في زمان الحظر فصار مباحاً .
وأما الحجاج : فهو أن رجلاً لو قال لرجل أدخل داري ولا تقم استباح الدخول لوجوده عن أذن ووجب عليه الخروج لمنعه عن المقام ، ويكون الخروج وإن كان في زمان الحظر مباحاً ؛ لأنه ترك كذلك حال هذا المولى يستبيح أن يولج ويستبيح أن يخرج ، ويحرم عليه استدامة الإيلاج فأما الصائم إذا أخبره أن الباقي من طلوع الفجر قدر الإيلاج دون الإخراج فقد اختلف أصحابنا هل يحرم عليه الإيلاج لوجود الإخراج في زمان التحريم أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يحرم عليه الإيلاج لوجوده في زمان الإباحة ، وإن كان الإخراج في زمان الحظر ، لأنه ترك فعلى هذا يستوي حكم المولى والصائم .
والوجه الثاني : يحرم على الصائم الإيلاج وإن كان في زمان الإباحة لوجود الإخراج في زمان الحظر فعلى هذا يكون الفرق بين الصائم والمولى أن التحريم قد يطرأ على الصائم يعني الإيلاج ، فجاز أن يحرم عليه الإيلاج والمولى لا يطرأ عليه التحريم بغير الإيلاج ، فلم يحرم عليه الإيلاج .