الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص343
أشهر لم يقع قبلها وليس الإيلاء عندهم كذلك والله أعلم .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن الإيلاء يمين يحلفه بها على الامتناع من وطئها ، فإن كانت هي اليمين لا يجب عليه بالحنث فيها شيء كاليمين بالمخلوقات كالأنبياء ، والملائكة والسماء والعرش لم يكن مولياً ، لأنه خارج عن حكم الأيمان فخرج عن حكم الإيلاء ، وإن أوجب عليه الحنث في يمينه شيئاً فعلى ضربين :
أحدهما : أن تكون يمينه بالله تعالى : أو باسم من أسمائه ، أو بصفة من صفات ذاته يجب عليه بالحنث فيها كفارة فهذا مولى يؤخذ بحكم الإيلاء .
والضرب الثاني : أن يكون بغير الله تعالى وهو أن يحلف بالعتق ، أو الطلاق ، أو الصدقة ، أو الصيام كأن قال : إن وطئتك فعبدي حر أو أنت طالق ، أو عمرة طالق لزوجة له أخرى أو مالي صدقة أو علي الحج إلى بيت الله ، أو صيام يوم أو صلاة ركعتين ، أو اعتكاف شهر إلى ما جرى هذا المجرى من الإيمان التي إذا حنث فيها لزمه ما لم يكن لازماً له فيكون حالفاً وهل يصير بهذا الحلف مولياً يؤخذ بحكم الإيلاء أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : وهو قوله في القديم لا يكون مولياً ما لم يحلف بالله تعالى لقول الله سبحانه : ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ) [ البقرة : 224 ] ثم قال تعالى : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ) [ البقرة : 255 ] يعني بالله ، ثم قال : ( للذين يؤلون من نسائهم ) [ البقرة : 226 ] فعطف به على اليمين بالله فاقتضى أن لا يكون مولياً إلا به ؛ ولأن مطلق الأيمان محمولة عرفاً وشرعاً على اليمين بالله ، أما العرف فلأنه إذا قيل فلان قد حلف لم يعرف منه إلا الحلف بالله إلا أن يقيد فيقال حلف بالعتق أو الطلاق ، وأما الشرع فلقول النبي ( ص ) : ( من كان حالفا فليحلف بالله أو فليصمت ) فوجب أن يكون إطلاق الإيلاء محمولاً على هذا المعهود من عرف ، أو شرع ، ولقوله تعالى : ( فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم ) [ البقرة : 226 ] وغفران المآثم يتوجه إلى الأيمان بالله تعالى دون العتق والطلاق .