الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص327
بها وأغلق الباب وكشف القناع إلا أنه لم يطأ فسئل رسول الله ( ص ) هل تحل للأول إن طلقها الثاني فقال : ( لا حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها ) .
والعسيلة : مختلف فيها فذهب أبو عبيد القاسم بن سلام إلى أنها لذة الجماع ، وذهب آخرون إلى أنها الإنزال وذهب الشافعي وأكثر الفقهاء إلى أنها الجماع ، لأن اللذة زيادة والإنزال غاية .
وقد روى عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي ( ص ) أنه قال : ( العسيلة هي الجماع ) .
ولأنه إجماع الصحابة روي ذلك عن علي وعائشة وجابر وابن عمر وأنس أنها لا تحل للأول حتى يصيبها الثاني .
وقال عمر وعلي حتى تذوق العسيلة وهي ماؤه ، وليس لهم في الصحابة مخالفة ، لأن الزوج الثاني شرط عقوبة للأول ، وزجراً من الطلاق الثلاث لتدعوه الحمية والأنفة من نكاح الزوجة أن لا يطلقها ثلاثاً ؛ لأنهم كانوا يطلقون ويراجعون ، فلو حلت له بمجرد العقد من غير إصابة لما دخله من الحمية والأنفة ما يمنعه من الثلاث كما يدخله إذا وطئت ، فلذلك صار الوطء مشروطاً .
فأما الآية وأن النكاح هو العقد دون الوطء فعنها جوابان :
أحدهما : أن العقد حقيقة في النكاح ، فجاز في الوطء ، وقد يجوز أن يحمل على مجازه بدليل ، والسنة أقوى دليل ، قال الشافعي : فسرت السنة والكتاب وأولى ما فسر به القرآن هو السنة .
والثاني : أن الكتاب أوجب شرطاً هو العقد ، والسنة أوجبت شرطاً ثانياً وهو الإصابة فاقتضى وجوب أحدهما بالكتاب ، ووجوب الآخر بالسنة .
وأما تحريم المصاهرة فلا يجوز أن يعتبر به حكم الإباحة ، لأن التحريم أوسع لحصوله بالوطء من غير عقد كالوطء بشبهة كذلك بالعقد من غير وطء والإباحة لما لم تثبت بالوطء من غير عقد ، ولا بالفاسد من العقود لم يثبت بمجرد العقد من غير وطء .
أحدها : أن تنقضي عدتها منه .
والثاني : أن تنكح غيره .
والثالث : أن يطأها . والرابع : أن يطلقها إما ثلاثاً أو دونها .
والخامس : أن تقضي منه عدتها فتحل حينئذ للأول أن ينكحها غير أن المقصود بها الإباحة في هذه الشروط الخمسة شرطان العقد والإصابة .