الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص321
به الدعوى ، فلم تبطل بما حدث بعده من الدعوى كاختلاف الوكيل والموكل بعد بيع الوكيل هل كان بيعه قبل فسخ الوكالة فيصح ، أو بعد فسخها فيبطل ، فإنه معتبر بأسبقهما قولاً ، فإن بدأ الوكيل فقال : قد بعت السلعة بوكالتك ، وقال الموكل قد فسخت وكالتك قبل بيعك أن القول قول قوله ، لأن الوكيل قد كان في حال الوكالة فصار مقبولاً على موكله ، وإن سبق الموكل فقال : فسخت وكالتك ، فقال الوكيل : قد بعت قبل فسخك ، فالقول قول الموكل ، لأن الوكيل قد خرج من الوكالة بفسخه ، فلم يقبل قوله بعد فسخ وكالته كذلك حكم اختلافهما في تقدم الرجعة وانقضاء العدة يكون معتبراً بأسبقهما قولاً إذا استقر قوله من غير أن يتصل بإنكار ، فإن اتصل بإنكار لم يستقر معه حكم السبق ، إما بأن تبدأ الزوجة فتقول : قد انقضت عدتي ، فيقول الزوج جواباً لها : قد راجعتك قبل انقضاء عدتك ، أو يبدأ الزوج فيقول : قد راجعتك في عدتك ، فتقول الزوجة جواباً له : قد انقضت عدتي قبل رجعتك ، فيكونا في حكم الدعوى سواء ، ولا يقوى قول من سبق منهما بالدعوى إذا أجيبت بالإنكار ، لأن حكم قوله لم يستقر ، وإذا كان كذلك صارا فيها متساويين فالقول حينئذ على هذا الوجه قول الزوجة دون الزوج لمعنيين يرجع بهما قولهما أنها جارية في فسخ وأن قولها في حيضها مقبول .
والوجه الثالث : وقد أشار إليه المزني واختاره الداركي انهما إن اتفقا في وقت انقضاء العدة واختلفا في وقت الرجعة كأنه قال : راجعتك في شعبان ، وانقضت عدتك في رمضان ، وقالت : انقضت عدتي في رمضان وراجعتني في شوال ، فالقول قول الزوج مع يمينه ، لأن اختلافهما في الرجعة دون العدة ، والرجعة من فعله دونها فوجب أن يكون القول فيها قوله مع يمينه على ما تقدم رجعته لا على تأخير عدتها ، لأنه يحلف على ما اختلفا فيه ، وهي الرجعة دون العدة ، فيقول والله لقد راجعتك قبل انقضاء عدتك ، فتكون يمينه على القطع ، لأنها يمين إثبات .
وإن اتفقا على وقت الرجعة ، واختلفا في وقت انقضاء العدة ، وكأنها قالت : انقضت عدتي في شعبان وراجعتني في رمضان ، فقال الزوج : راجعتك في رمضان وانقضت عدتك في شوال ، فالقول قول الزوجة مع يمينها ، لأنه حلف في انقضاء العدة لا في وقت الرجعة ، فكان القول قولها ، لأنها مؤتمنة على عدتها فيحلف بالله لقد انقضت عدتها قبل رجعتك على القطع ، لأنها يمين إثبات والله أعلم .